عن مستقبل جنوب اليمن في ظل عجز الشرعية وتخبط المجلس الانتقالي
دشن المجلس الانتقالي الجنوبي بمدينة عدن الجمعة الماضية 3 نوفمبر تشرين الثاني أول خطوات التصعيد في الشارع الجنوبي ضد الحكومة الشرعية بإقامة مخيم جماهيري مفتوح للمطالبة برحيل حكومة د احمد بن دغر التي يتهمونها بالفساد وذلك بعد أيام من شن المجلس الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك حملة إعلامية ضد الحكومة الشرعية تدعو للثورة عليها وطردها وسط حالة من الغموض تكنتف المشهد السياسي اليمني عموما والمشهد الجنوبي منه على وجه الخصوص .
* ضعف وعجز الشرعية
وفي الوقت الذي تبدو فيه الرئاسة والحكومة الشرعية اليمنية في أضعف حالاتها إذ تقلص دور الرئيس هادي كثيرا في الفترة الأخيرة وترددت أنباء عن وضعه قيد الإقامة الجبرية في الرياض كما غادر محافظ عدن الأستاذ عبد العزيز المفلحي إلى القاهرة للعلاج كما تردد غادر ايضا رئيس الحكومة بن دغر إلى الرياض وكلف وكيل المحافظ احمد سالمين بالقيام بمهام محافظ عدن إلا أن الأخير لم يستطع دخول مبنى المحافظة بسبب قيام قوات الحزام الأمني الموالية للإمارات بمنعه من مزاولة مهامه لتبدو العاصمة اليمنية المؤقتة عدن مدينة مفتوحة على كل الاحتمالات .
* المجلس الانتقالي تخبط ووعود
ومثلما تمر الشرعية بمرحلة شديدة من الضعف تبدو قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي ممثلة بمحافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي ونائبه هاني بن بريك في حالة من الارتباك والتخبط ففي الوقت الذي وعد هاني بن بريك الشارع الجنوبي بنشر تصور للمجلس الانتقالي الجنوبي عن المرحلة القادمة بالجنوب مع حلول شهر أكتوبر الماضي إلا أن شيئا من هذا لم يحدث رغم أن المجلس أنجز بعض الخطوات مثل تأسيس الجمعية الوطنية للجنوب وقام بسلسلة من الزيارات لمناطق الجنوب لحشد الدعم المطلوب للمجلس كحامل للقضية الجنوبية وقد أيده البعض وعارضه آخرين إلا أن افتقاد المجلس لرؤية واضحة للمستقبل يجعله ورقة بأيدي قوى إقليمية على رأسها دولة الإمارات التي تسعى لإدارة الجنوب عبر قيادات المجلس الانتقالي وتحويلهم إلى وكلاء لها اكثر منهم رموز سياسية وشعبية تمتلك قرارها ولديها رؤية محددة وتصور للتعامل مع مستجدات الحاضر والمستقبل .
* تصعيد نحو المجهول
ومثلما يلف الغموض توجهات قيادات المجلس الانتقالي وخياراتها لا أحد يتكهن بمصير عدن في ظل دعوات التصعيد ضد الحكومة التي تتزامن مع خطوات لعرقلة السلطة المحلية ومنعها بالقوة من ممارسة عملها ومن وجهة نظري فهذا التصعيد لن يستجيب لمطالب الشارع العدني الخدماتية والمعيشة فهو سيضيف إليها أعباء وإشكالات جديدة ولن يحل مشاكل عدن حيث الكهرباء تنقطع لساعات والمرتبات لم تصرف منذ اشهر والوضع الأمني متردي في ضل فوضى الاغتيالات واحتلال الأمن كما أن الوضع المعيشي للناس هو الآخر مزري .
هذا التصعيد من وجهة نظري سيخلط الأوراق بشكل أكبر ويزيد المشهد المعقد بعدن تعقيدا ويغيب الجهود التي كانت تقوم بها السلطة المحلية لصالح المواطن وتسيير الخدمات وإنجاز المشاريع .
* غياب المشروع والرؤية
مثلما يفتقر المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك لأي تصور مقنع للمستقبل بالجنوب لم يقدم هذا المجلس اي مبادرات لحل المشاكل بعدن وإيجاد البدائل وتخفيف معاناة الناس بل انهم يفتقدون لمشروع إستراتيجي ولا يمتلكون حتى رؤية واضحة للمرحلة التي سينتهي إليها هذا التصعيد ولمرحلة ما بعد التصعيد هذا وليس لديهم اي تصور للتعامل مع المستجدات الإقليمية التي قد تطيح بأحلام انفصال الجنوب في ظل تعثر مشاريع الانفصال من كاتلونيا باسبانيا إلى كردستان بالعراق .
* تقلص الدور السعودي لصالح الإمارات
قيادة التحالف العربي في اليمن تبدو بلا رؤية محددة حول حل الإشكاليات في الجنوب ولم يصدر عنها موقف واضح من التصعيد الذي ينفذه المجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة المؤقتة عدن رغم أنه يستهدف الشرعية اليمنية التي شنت عملياتها العسكرية في اليمن لخدمتها وهو ما يظهر نوعا من الازدواجية في التعامل مع الواقع اليمني والكيل بمكاييل متعددة ومثلما ترفض الإمارات مشروع الانفصال وترى أنه ليس حلا كما تقول وسائل اعلامها وعلى رأسها جديدة " الاتحاد " التي اكدت افتتاحيتها قبل أيام بأن الانفصال في جنوب اليمن " ليس حلا " وفي الوقت نفسه توفر الغطاء السياسي والدعم المالي واللوجستي للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى للانفصال تبدو السعودية مؤخرا غير مهتمة بشكل كافي بالقضية اليمنية وخصوصا بالجنوب والتي يبدو أنها سلمته للإمارات ولم يعد لها رؤية مغايرة للرؤية الإماراتية للجنوب خصوص في ظل حالة الود بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد لن زايد مما يجعل الإمارات اللاعب الأوحد في جنوب اليمن ففي الوقت التي تتغاضى السعودية عن الممارسات الإماراتية في الجنوب قامت بتقييد قيادة الشرعية ومنعتها من التحرك الجاد أو اتخاذ موقع ضد توجهات أبو ظبي وممارساتها في جنوب اليمن.
* غياب الموقف الدولي
كما أن القوى الدولية لا يبدو لديها رؤية واضحة للحل السياسي في الجنوب عدا تأييد جهود المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ كما لم يصدر عنها اي موقف تجاه التحركات التي يقوم بها المجلس الانتقالي الجنوبي والتي تستهدف الحكومة الشرعية اليمنية التي تعترف بها وتتعامل معها إلا أن بعض المصادر تشير إلى طرح بعض الدول الاوربية لخيار الاقليمين في ظل دولة يمنية اتحادية بحيث يكون الجنوب إقليم والشمال إقليم وهي رؤية تتناغم مع رؤى قوى محلية مثل ما طرحته قيادات الحزب الاشتراكي اليمني في مؤتمر الحوار الوطني بصنعاء قبل سنوات وهي الرؤية التي يرفضها المجلس الانتقالي الجنوبي وترفصها قوى أخرى تراها مقدمة لانفصال الجنوب
وطالما والحال كهذا فإن الجنوب اليمني وخصوصا عدن يسير للمجهول الغامض حيث تعقد المشهد واختلطت الأوراق وتداخلت السيناريوهات وصار الوضع مفتوحا على كل الاحتمالات .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها