معسكر صالح ينزفl!!
معسكر صالح أو بالأصح مؤتمره الشعبي العام، في مأزق كبير جداً إنه ينزف في هذه الأثناء، ينزف دماً وكرامة وأهدافاً ودوراً. هذا الحزب الكبير الذي باع الدولة في نهاية المطاف من أجل أن يرضي زعيمه، ويمنح فرصة لتغيير بروفايله في هيئة صورة مكللة بابتسامة ماكرة في اليوم الذي سقطت فيه صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول، 2014.
يقال إن صالح قرأ لمكيافيلي ولكنه نسي أن وصفة مكيافيلي معدة خصيصاً للملوك وللحكام، وليس لمن فقدوا السلطة، وزادوا أن ضحوا بتركتها التي بقيت في أيديهم كما فعل الزعيم الموتور عندما استدعى مجموعة مسلحة حاربته لسنوات عندما كان في السلطة، وهي في الأخير تحمل مشروعاً سياسياً مناهضاً لمشروعه، استدعاها لكي يثأر بها من أعداءٍ مسالمين.
آلمني كثيرا ما جرى للإعلامي المتعصب حتى النخاع مع عفاش، كامل الخوداني، ولعائلته، طريقة استدعائه مهينة، وقصد من خلالها توجيه رسالة قوية إلى البقية الباقية من مؤيدي صالح في الجهاز الإعلامي المهترئ المتبقي لديه.
إلحاق الأذى بالأطفال والنساء هو سلوك همجي لا تقدم عليه إلا هذه العصابات المسكونة بهاجس الحق الإلهي وأوهام الاصطفاء الذي يتحول أمامها كل شيء مباحاً بما في ذلك الأعراض والكرامة.
الإعلامي أحمد الحبيشي يشكل أحد صور الاستنزاف التي طالت معسكر صالح، فهذا الانتهازي، تحول بكل جوارحه مع الحوثيين الذين أصبحوا أعداء حقيقيين لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأس الحبيشي مركزه الإعلامي، وسيتحول شيئاً فشيئاً رأس حربة تنغرس في صدر صالح كما فعل من قبل مع الحزب الاشتراكي اليمني الذي كرس صورة عنه وأظهره كما لو كان معمل لإنتاج المشروبات الروحية من فرط ما يتعاطاه.
لم تعد الشراكة السياسية القائمة حالياً بين حليفي الانقلاب: المؤتمر الشعبي العام والحوثيين، سوى مجرد واجهة مراوغة لسطوة تتكرس كل يوم في صنعاء لصالح الحوثيين ويتحول معها صالح إلى طريد في الأقبية تتربص به الشرور من كل جانب.
لا أبالغ حين أصف الوضع الحالي لصالح، لأن الحقيقة تقول إن هذا الشخص الذي ضحى بكل شيء من أجل أن يستعيد السلطة لا يمكنه أن يقبل بدور لا يسيطر عليه وبشراكة من أي نوع لا تحقق في النهاية مصالحه الكاملة.
لذا يشعر الحوثيون بحجم خطورته عليهم ويوصلون الرسائل المتتالية إليه بأنه لم يعد من الممكن أن يستمر صالح بأداء دور غير منضبط وخارج عن حسابات الميلشيا. وفي هذا السياق تعمد الحوثيون التعرض لنجله صلاح وتفتيشه في إهانة لا سابق لها، وهي الحادثة التي أدت إلى مقتل أحد أبرز مساعدي صالح الأمنيين، في مواجهة طويت الآن لكن رسالتها لا تزال ترن في أذن صالح وأنصاره.
لفتت نظري شجاعة كامل الخوداني، لكن هذا الإعلامي لا يتصرف بدافع الحرص على الوطن والدولة، بل بعقلية من يشعر بالإهانة لأن مكانة الحزب الذي ينتمي إليه تتعرض للانهيار المجاني والعبثي وأن الصورة التي رسمها صالح عن الحزب المسيطر والمهيمن بدأت تتلاشى تحت وقع الهيمنة المطلقة للحوثيين.
وتساورني الشكوك بشأن هذا الإسناد الذي يقدمه مؤتمريو الخارج وبعضهم محسوبون على الشرعية، لقضية الخوداني، فثمة نماذج سابقة لتلميع إعلاميين، قُصد منها بناء رموز في البيئة السياسية والإعلامية يكون بوسعها حصد مكاسب كبيرة من بينها الثقة والمصداقية وهي تتهيأ لتأدية أدوار مستقبلية.
غير أني أعود وأكرر إن ما يحدث للمخلوع صالح وحزبه هو استهداف محكوم بأجندة سياسية استئصالية بنكهة إمامية واضحة. وليس أمام صالح وأنصاره إلا المسارعة في فض الشراكة القائمة مع الحوثيين، وإنجاز مفاصلة مع الأجندة الإمامية بوضوح لا يقبل اللبس، واتخاذ الخطوة التالية التي ينبغي أن تكون ذات طابع سياسي وعسكري إن لزم الأمر.
لم يكن الحوثيون لينجحوا في السيطرة على صنعاء والدولة بهذه السهولة وبحركة استعراضية مستفزة على نحو ما رأيناه في صنعاء مساء الـ21 من سبتمبر/ أيلول 2014، لولا أن صالح كان قد وفر كل أدوات هذا الانقلاب بما في ذلك الجيش والأمن الذي فتحوا أبواب صنعاء ليدخلها أعداؤنا وأعداؤهم بأقل الخسائر.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها