المخلوع في مهمة استعادة الحُكم !!
" لدى المؤتمر الشعبي كفاءات شابه مؤهله لخوض انتخابات الرئاسة القادمة " هذه جملة مقتضبة من خطبة الرئيس المخلوع من الحكم ،إما ما قاله العميد يحيى محمد عبدالله صالح رئيس مركز الرقي والتقدم في لقاء اجرته معه قناة الميادين فهاكم مقتضبه : " بعد عام سيعود كل شيء على ما يرام نتيجة الانتخابات " و " مهرجان السبعين يعد وفاء للشرعية الحقيقية " .
بقراءة ما قاله الزعيم خلال الايام القليلة الفائتة ، ومحاولة ربطه بحديث ابن شقيقه القائد الفعلي لقوات الامن المركزي المقال ، يمكن لنا فهم اصرار الاول ؛ لأن يبقي رئيسا للمؤتمر ودونما أية اعتبار لكل المطالبات الوطنية والدولية والحزبية والشعبية .
كلاهما ينظر للحكم الانتقالي وكأنه ليس إلا رئيسا طارئا ودخيلا دوره لا يتعدى دور الزوج المحلل في مسرحية " الواد سيد الشغال " فما ان يقترن سيد الشغال بصاحبة المقام الرفيع حتى يقسره ارباب البيت الكبير لطلاق المرأة الجميلة ، عائلة ورموز المخلوع أظنهم ينظرون لحكم هادي وكأنه مجرد حكم بلا شرعية حقيقية كما ووظيفته تشبه لحد ما مهمة سيد الشغال في المسرحية .
الاثنان وبعكس معظم الساسة اليمنيين يتحدثا عن انتخابات 21فبراير 2014م ففي الوقت الذي الجميع منهمك في مسألة الحوار الوطني ، وسبل انجاحه بكونه محور اساس الدولة المدنية الحديثة المنشودة ، وباعتباره محطة بداية لانطلاقة جديدة تتقاطع كليا مع المرحلة الماضية ؛ نجد العائلة منصبة في الانتخابات الرئاسية المقبلة أكثر من انشغالها بعملية الانتقال وبالحوار الوطني وبمخرجاته ومقرراته التي بكل تأكيد سيكون لها انعكاساتها الايجابية او السلبية على طبيعة الدولة اليمنية المستقبلية وعلى وحدتها ونظامها واستقرارها .
المتأمل في تصرفات صالح ، سيجدها اغرب من تصرفات حاكم تم الاطاحة به اثر ثورة عارمة اجبرته في النهاية للتنازل وإن على شاكلة مبادرة سياسية توافقية لا وفق طريقة ثورية ، نعم إننا إزاء حاكم غادر كرسي الرئاسة لفترة نقاهة او استشفاء مدتها سنتين ومتى استعاد عافيته وقوته يمكنه العودة ثانية لمزاولة سلطانه ؟
قبل وبعد توقيع اتفاق الرياض كانت وسائل الاعلام قد نشرت تسريبات عن تطمينات اعطيت لصالح مفادها عودته بعيد فترة انتقال لا تتعدى العامين فقط ، الحاح الرجل على البقاء رئيسا للرئيس هادي يمكن فهمه على انه استماتة الذي خسر حكمه ؛ لكنه لم يخسر ادواته وسبل استعادته أو نفوذه العميق في السلطة والنظام .
لا اعلم من هو صاحب الفكرة المجنونة ؟ فما من سلطان يغادر قصره مكرها وعلى رؤوس ودماء القرابين المزهقة ومن ثم يعود اليه رغبة وعلى اكتاف الجماهير الولعة المحبة ! التاريخ هكذا منطقه وديدنه ومن لا يقرأه ويتبصر فيه سيجد ذاته مقسرا لعيش احداثه وتواريخه لحظة بلحظة .
ليس في الامر فراسة ، او ذكاء كي ندرك ونعلم ما في ذهن الرئيس المخلوع ، او ما يفكر فيه اقربائه ورموزه المنافحين بشدة لبقاء صورة الزعيم حاضرة في ساحة السبعين ، وفي اعلام المؤتمر ، أو قناة نجله "اليمن اليوم " ، فكل افعاله خلال السنة الفارطة تشير وتؤكد انه لا يكترث بشيء قدر اهتمامه باستعادة مُلكه المغتصب منه عنوة وبمؤامرة قطرية امريكية صهيونية .
لتسقط الحصانة ، ولتفشل الحكومة والرئاسة ، وليرحل هادي وباسندوه والزياني وبن عمر وبان كي مون والحوار والهيكلة والمبادرة ومجلس الامن الى الجحيم ، و، ولتمزق البلاد الى الف كيان ومسمى ، وليعبث بالكهرباء والنفط والغاز والسكينة والاسعار ، وليقتل الانسان ولتنتهك كرامته وحريته وكرامته وحياته ووالخ فكل هذه الاشياء ليست في قاموس رجل مهووس جل همه استعادة الحكم مهما كلفه وبلاده من ثمن باهظ .
قبيل اتفاق المؤتمر والمشترك - على تمديد ولاية البرلمان لسنتين تبدأ سريانها من تاريخ التوقيع فبراير 2009م - وبعام تقريبا كنت وقتها قد دعوت اليمنيين ان لا ينتظروا مغادرة الرئيس صالح من الرئاسة ولو لنجله احمد ، إذ سيبقى رئيسا ولو على قصر الرئاسة وامانة العاصمة . اذكر الآن ان زميلا صحافيا كان حاضرا مقيل قات في مجلس مسئول رفيع لم يتسنى لي معرفته ، فحين قرأ المقال ضحك ضحكة ثم علق قائلا : لن يترك كرسيه ابدا وسيظل في الرئاسة حتى بعيد هبوط ملك الموت عزرائيل او تمزق اليمن الى كيانات ومسميات ) .
الآن وبعيد ثورات اطاحت بحكام كالقذافي ومبارك وبن علي - ولا يبدو انها ستكتفي بطاغية سوريا بشار – مازال الرئيس المخلوع واهما بانه اذكى من هؤلاء الرؤساء الاغبياء الذين كانت نهايتهم مأساوية ، هكذا قيل له وقد افلح بالفعل من تجنب ثلاثية اسلافه – القتل ، المنفى ، السجن – وبرغم حنكته ودهائه على احتواء الثورة ؛ بل وبقائه في السلطة والنظام الجديد ؛ يتطلع الى ما هو أكبر من الخروج سالما غانما إذ يظن انه وبماله ونفوذه وحيلته بمقدورة العودة الى الرئاسة ولو بتهيئة ابنه للفوز في سباق الرئاسة .
نعم ؛ فإذا كان هنالك من تحول ايجابي فهو ان الرئيس المخلوع سوف يعمل كل ما بوسعه كي يستعيد حكمه ولو اقتضاه الامر التنازل لنجله احمد باعتباره الاكثر حظا وقبولا من ابيه الزعيم ومن كافة اقاربه ، هذا التحول لم يكن وليد قناعة وزهد ؛ وإنما سببه المباشر اثنى عشر شهر عاشها كرئيس مخلوع وقدر له فيها رؤية ما لم يراه في ثلاثة عقود ونيف .
وإذا كانت سنة واحدة قد اجبرت صالح للتنازل عن فكرة اختمرت ذهنه في لحظة ما ؛ فإن نجاح الحوار في بلورة وصياغة الدولة اليمنية الحديثة بكل تأكيد ستكون كفيلة بوأد ودفن مشروعه العائلي الذي تجلى واضحا ومن خلال مظاهر زائفة يتم تكريسها وتسويقها وكأنها ضرورة وحتمية وطنية لا مناص من التسليم بها ، فيما هي في حقيقتها مظاهر مضللة خادعة دافعها الاساس الفاقة والعوز ، والمال المنهوب ، وغياب فكرة الدولة الجامعة ، وحالة الانقسام والضعف الذي يعاني منه النظام الجديد المتشكل على انقاض نظام عائلي عسكري قبلي .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها