أمل الكبار..!
لا أسوأ من أن يكون اليأس أختيارنا الأخير ولا أصعب مما نواجهه سوى فقدان الأمل .
حين تغمرك الفوضى أبحث عن أعلى نقطة ممكنة للوقوف والنظر.
حتى وأنت تهوي نحو القاع, عليك أن لا تكون قاعي الرؤية, قاعي الإرادة والعزم, عليك أن تقف داخلك, في المناطق الأكثرعلواً ، متجاوزا الإنغمار بالمحيطات.
نحيا أسوأ كوابيسنا على الإطلاق.
جرت بنا الريح بعيداً عن المسار. طوحت بنا في الأرجاء بلا وطن .
كل شيء باعثً على التشاؤم, داع للقنوط, سيما لمن اعتادوا التعامل مع أنفسهم كضحايا فقدوا الرجاء في ذواتهم وكفوا عن أن يكونوا أحرارا مسؤولين عن تقرير مصائرهم واقدارهم ومجابهة كل اشكال العسف والطغيان رافضين الخضوع والرضوخ للمهانة والإذلال.
الأزمات والشدائد تختبر الكبار, أولئك الذين تمر بهم العوادي وهم وقوف في غاية الصلابة والثبات بهم تتشبث الأوطان .
يخيفني الأسى الثقيل إذ يطوقني من كل صوب, أخاف أن أنهار, أن أصبح جزأً من هذا الموات المعمم, رقماً في قائمة المستسلمين دون قتال من أسرى الجبن والوهن , يفزعني أن أصاب ،بالتسمم, بالخدر, ببلادة الحس, بتسليم العاجز بالهشاشة والعطب يخيفني أن أخاف, أن أحبط, أن أتصدع أن أخور وافقد صلابة العزم والإرادة .يروعني أن أفقد اليقين , أن أضيع, وأن لا أبحث عني ووعن الوطن المضاع داخل العقل والقلب قبل الواقع .
تعلمنا الأيام أن نحاذر أدواء القهر , أن نعاود تفحص أجهزة السلامة داخلنا, أن نعمل على تحديث دفاعاتنا وتدعيم مقاومتنا, وتحصين ذواتنا و وعينا من كل الإختراقات المدمرة .
عقود من اللامعقول واللامقبول, ما الذي يمكن أن تحدثه من الدمار والخراب , ثلاثة عقود من المقت والضغينة وعدم الرضى, والتعايش مع الأكاذيب والصراخ والشكوى والسقوط في الفاقة والعبث, ما الذي يمكن أن ينجم عن كل ذلك ؟ لا أظن شيئاً غير هذا الذي نرى ونسمع, غير هذا الجحيم المستعر غير هذا الذي نعيشه لعنة ملازمة تُشعرنا بالخجل من الوجود , ليس من السهل أن تخترع صورة جميلة في واقع بشع كهذا, من الصعب على متقدي الشعور الوصول غالبا ماتلجأ الى عمل تسويات ولو مؤقتة مع ماتواجهه من فجور وقطاعات, جل ما تفعله : محاولتك أن لا تكره ذاتك, أن لا تسمح للبشاعات بتدمير إنسانيتك وجمالك وفروسيتك. أن لا تدع القبح يسكنك بأكثر ما يسكن الواقع. أن لا تترك نفسك هدفا سهلا للضعف والتهاوي والسقوط في الْخِزْي والعار.
هناك أمل, وبنا من الصحة ما يفوق الإعتلال , هناك أمل, مادام هناك آملون وحالمون, لا يكفون عن الأمل والعمل والصبر والمقاومة والصمود .
أعود الى كل لحظة حية وإن بعدت متشبثا بالروح وبالأمل مغالبا اليأس، بإرادة وطن كبير ، حر ،مقاوم ،يخوض معاركه المؤجلة بيقين الظافر المنتصر .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها