الوعي أساس السلام!!
وراحت في موجة من بكاء تقول هل فعلا هؤلاء هم أهل اليمن؟ لقد عشت طويلا وأنا أردد الأخبار عنهم عن الكرم والشهامة والرجولة والغيرة اليمانية، هل كنت مخدوعة طيلة هذه السنوات من عمري؟ اتصالها حولني إلى رماد تذروه الرياح، حاولت مرارا أن أكذب عليها بهذيان التنمية البشرية هذه محنة كيف نحولها منحة، سنغير قدرنا حتما، هؤلاء اللذين تتحدثين عنهم هم أسوأ مافي اليمن، ليسوا سوى مرتزقة، يعملون مع من يدفع أكثر.
لكنهم فئة قليلة ركز عليها الإعلام فكثرها في نظر الناس، أخبرتها أيضا أن الواقع مختلف، بصوت متحشرج صرخت أي إختلاف تتحدث عنه، وهم يجهزون على ما تبقى من البلد الجريح، أخرجوا خناجر غدرهم وعادوا قرويين بدو وكأن اليمن ليست دولة ممتدة لآلاف السنين.
قلت لها لا ننكر وجود السيئين بيننا، لكنهم لايمثلون حاضرنا ولا مستقبلنا ولا علاقة لهم بتاريخنا، يبدو أنها لم تقتنع بما قلت وقالت أنها لم تعد مهتمة باليمن، ونكاية بالمرتزقة الجدد ذهبت لتهتم بدول أخرى مثل العراق وفلسطين وسوريا، اليمن لم تعد من ضمن اهتماماتها.
لم أستطع مراجعتها في الأمر، فهي كغيرها من عشاق الوطن الأم تشعر بالإحباط، عندما قلت لها ما كل هذا الإحباط قالت ليس إحباط، إنه ذهول يشبه الذهول العام عند اقتحام المتخلفين العاصمة صنعاء، انعكست خلافات الخليج الأخيرة على اليمن بشكل سيء، بحسب ما قالته.
ماسبق ملخص حالة الناس البسطاء بعيدا عن تعقيدات السياسة، طال على الناس المدى، والحرب ليست نزهة واستعجال نتائجها من باب أن الناس يريدون العودة إلى حياة الاستقرار والأمن والدولة، بقاء الناس كل هذه الفترة الممتدة من الانقلاب في نهاية 2014 إلى الآن بدون استقرار متعب للغاية، دائرة الجوع تتسع والبطالة وتوقف حال الناس وانتشار الأوبئة والخوف كلها محبطات، الشرعية غير قادرة على ضبط الإيقاع في المناطق المحررة، والناس بلا مرتبات في مختلف محافظات الجمهورية ماعدا بعض المحافظات الجنوبية والشرقية.
الانقلاب فشل لكنه مازال متمسكا بالبندقية، يريد دورا في المستقبل، ولا يدرك أن من أضاع الحاضر لا مستقبل له، والشرعية عليها أن تثبت وجودها.
السلام الذي تتحدث عنه الأمم المتحدة ومبعوث أمينها العام ولد الشيخ سلاما قاصرا.
السلام يحتاج شجاعة مازالت لا تتوفر عند الانقلابيين والا لألقوا بالسلاح وتركوا طريق الغي. والسلام يحتاج إلى توقف المرتزقة وتجار الحروب أيضا، لكن لا شجاعة لديهم ليتوقفوا عن خساستهم ليدعوا للسلام.
السلام للشجعان الذين يضحون بمصالحهم لأجل الشعب، و هذه المرحلة تحتاج إلى وعي كافي، لكن الوعي أعز من السلام لندرته، وعلى جميع اليمنيين أن يدركوا أنهم بدون وعي لن يخرجوا من محنتهم، فلا سلام بدون وعي بحقيقة المصائب التي تجمعت فوق رؤوسنا جميعا، فالوعي أساس السلام.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها