مأساة القائد ساليف !!
" ساليف ساديو " قائد حركة مسلحة مناهضة للسلطة ، ونذر حياته لمهمة تحرير اقليم " كازامانس " واستقلاله عن السنغال ، متعهدا ببقائه اعزبا الى حين تحرير الإقليم .
فعلى مدى خمسة وثلاثين عاما على بداية الصراع العنيف في عام ٨٣م والقائد البالغ من العمر الان ٥٥ عاما ؛ مازال وجماعته منطقهم السلاح ولا شيء سواه .
كل شيء يبدو انه تبدل بداخل الإقليم ، الناس ، الادارة ، التفكير ، أساليب وطرق العيش ، وسائل الاتصال والكفاح ، رفاق السلاح في الأمس ، توقف النزاع في الإقليم وإحلال السلام وعودة غالبية المهجرين والمشردين وحتى المقاتلين .
ومع هذا التبدل الجذري في نمط الحياة اليومية ، ، ظل القائد وعناصره يتمنطقون أسلحتهم وان في منطقة حدودية بعيدة عن موطن حركتهم ، وعن نفوذ الحكومة السنغالية التي ناهضوها زمنا .
شاهدت القائد قبل ايام وهو يتحدث لمراسل قناة ٢٤ الفرنسية ، الذي زاره حيث يوجد بمعية من تبقي من عناصره وسط غابة كثيفة الشجر .
اشفقت على الرجل وعلى اتباعه بكونهما مجتمعين لم يستوعبا ما حدث للمجتمع الذي نذرا أنفسهما له ذات حقبة تاريخية هيمن فيها الظلم والإقصاء والتهميش والتمييز الاثني والديني .
نعم ، كان على القائد ساليف وجماعته ان يفهما لماذا تخلى عنهما رفاق السلاح والنضال ؟ وكيف ان الحركة التي شغلت وسائل الاعلام والحكومات ابان أوج نشاطها تلاشت وانفض عنها معظم الأنصار والاتباع ؟
وكيف انها آلت اليوم الى مجرد جماعة مليشاوية لا يتعدى عناصرها المئات بعد ان توزعت وتمزقت الى حركات ومسميات عدة ؟ .
ولماذا قادة تلك الحركات المنشقة منهم من صار اليوم يفاخر بانتمائه الى السنغال فيما اخرون ذهبوا يؤسسون لتنمية مستديمة في الإقليم او يستثمرون قدراتهم وطاقاتهم في التعليم والصحة والتوعية .
احد هؤلاء القادة انكب في الحاضر على مشروع مزرعة لإنتاج الدجاج ، بعيد نجاحه في الحصول على قرض ميسر من جهة دولية مانحة .
ربما تساءل البعض : ما نفع الحديث عن حركة في غرب افريقيا ؟ وهل هنالك ثمة مقاربة بين اليمن والسنغال ؟ .
الاجابة : اصدقكم انني رأيت في حديث ووجه ذلكم القائد العتيق ما يستوجب اخذ العبرة والفائدة ، فالواقع اننا ازاء قادة واتباع لا يختلفون عن اولئك المتمردين في أدغال افريقيا .
فهذه البلاد شهدت حراكا شعبيا، ومن ثم ثورة شعبية عارمة ، ومن ثم مؤتمر حوار شارك فيه من شارك وقاطعه من قاطع ، وليس اخيراً حربا مدمرة مازالت مستعرة وعلى كل الأصعدة ، ومنذ سقوط عاصمة الدولة " صنعاء " بيد ﺍﻟﻤﻴﻠﻴﺸﻴﺎﺕ الانقلابية .
ومع هول ما حدث ويحدث ، يوجد للأسف ، قادة واتباع يماثلون القائد ساديو وأنصاره ، فهؤلاء لم يفهموا او يدركوا حقيقة ان الواقع كل لحظة وهو في حالة تبدل وتغير .
والقائد الناجح الفهيم هو ذاك الذي لا يتوقف عن الخلق والابتكار للوسائل والخيارات والبدائل ، او يحنط ذهنه بتابوت من أفكاره القديمة غير قابلة بالتحديث او التجديد .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها