الجنوب على مفترق طريقين !!
يبدو ان الجنوبيون على مفترق طريقين لا اكثر ، فأما طريق الإقليم الجنوبي الواحد وضمن سياق دولة اتحادية معدلة ، او انهم سيذهبون لأبعد من ذلك .
ففي حال بقت السلطة الشرعية في محاولاتها لترويض واحتواء الموقف جنوبا ؛ فانها هنا كمن يدفع الجنوبيين ناحية خيارات قاسية ومريرة .
في هذه الحالة سيصير فك ارتباط الجنوب عن الشمال وتحلله عن اي التزامات سياسية وقانونية قائمة - مثل السلطة الشرعية ومبادرة الخليج وقرارات الشرعية الدولية - شيئا محتما وممكنا وبعيد ان كان على ﺍﻻﻗﻞ امرا متهورا وغير مقبول .
تظاهرة أمس الاحد ، بقدر ما كانت مقلقة ومؤرقة من ان تدفع بنا الى مالات مجهولة ، كانت من جهة عامل اطمئنان للكثير من المتابعين والمهتمين .
فالتظاهرة وعلى كثافة حضورها وخطورة توقيتها ، مثلت رسالة قوية ودالة على ان هناك ضغوطات مورست من المملكة والإمارات على قادة المجلس الانتقالي .
هذه الضغوطات السياسية كشفت عنها الأيام القليلة الماضية ، اذ ان السلطة الشرعية وعلى مساوئها عدت خطا احمرا لا ينبغي تجاوزه وفي مختلف الأحوال .
فطالما ونحن نتحدث عن عملية سياسية ، فعلى الجماهير الزاحفة بكثافة الى عدن ، ان تعلم بان المجلس الانتقالي لن ينساق خلف هدير الجماهير التي مطلبها الاساس فض صلة الجنوب واستعادة دولته السابقة .
فمثل هذا الخيار وعلى واقعيته الان - من ناحية الإرادة الشعبية - الا انه ومن عدة نواحي قانونية وسياسية وواقعية - ايضا - مازال امرا مقلقا ومربكا ومعقدا ، ما استدعى من قادة المجلس الانتقالي التعاطي معه بتأني وحذر وموضوعية .
المجلس الانتقالي انحاز للعقل والمنطق والمصلحة على ما سواها من عاطفة وشعارات ، فالدخول في مواجهة مبكرة ومع جهات عدة وفي مرحلة خطرة وحساسة مفتوحة على مصراعيها ، بلا شك مجازفة خطرة يصعب احتمالها او التكهن بنتائجها .
الخيار العقلاني والمنطقي هو ان على قادة المجلس الانتقالي الإعلان صراحة بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم وان على مراحل ، وكذا تأكيدهم باحترامهم للسلطة الشرعية وان اختلفوا معها في طرق التسوية السياسية للقضية الجنوبية .
نعم ، مؤتمر الحوار الوطني لم يحسم مسألة شكل الدولة الاتحادية نظرا للخلافات العميقة التي برزت وقتها ، ما ادى بفريق بناء الدولة الى إحالة موضوع تحديد الأقاليم الى لجنة تحديد الأقاليم برئاسة الرئيس هادي .
كانت هناك ثلاثة خيارات متداولة للبحث والنقاش ، فمنها الثلاثة الأقاليم والستة وايضاً الاثنين ، لكن وبسبب حسابات وتوجسات برزت وقتها ، تم الأخذ بخيار الستة الأقاليم ، اثنان في الجنوب وأربعة في الشمال .
البعض سيقول لك اليوم : دولة اتحادية من ستة اقاليم ولا رجعة عنها قيد أنملة .
شخصيا لطالما دعمت فكرة الفدرالية المتعددة الأقاليم ، لكن ذلك لا يعني إغفال حقيقة ان الانقلاب والحرب والتحرير أفرزت واقعا جنوبيا يصعب تجاهله ، خاصة بعد كل ما حدث .
ليكون الجنوب إقليما ، ولتقم الرئاسة بإصلاح الخلل الناجم عن قرارها الذي عده الكثير متسرعا ومحققا لرغبة قوى بعينها وعلى حساب قوى جنوبية شاركت في الحوار واضطرت للانسحاب بجريرة رفض مطلبها .
افضل جنوبا موحدا في ظل دولة اتحادية وسلطة شرعية واحدة ، بدلا من جنوب خارج السيطرة ومغرد خارج سرب الفدرلة والشرعية .
للتذكير هنا ، فمن جملة مقررات فريق بناء الدولة الآتي : " لا يحق مطلقا تعيين اي من أقارب وأصهار رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس السلطة التشريعية ووزيري الدفاع والداخلية ورئاسة المخابرات تعيين اي من أقاربهم حتى الدرجة الرابعة في اي مناصب قيادية في الجيش والأمن والمخابرات مدة عملهم في تلك المناصب " .
فهل هنالك ثمة احترام في الواقع ؟ اخذت مثال واحد ومقرر واحد مهم لم يحترم وتم انتهاكه وبشكل وقح وعبثي ممن يدعون اليوم بتمسكهم بمقررات مؤتمر الحوار .
فلماذا نسكت ازاء انتهاكات خطيرة تمس اهم مخرجات وطنية مؤسسة لدولة يمنية حديثة ؟ بينما وحين يكون المطلب واقعيا ووطنيا ومنطقيا ويتعلق ببقاء الجنوب من عدمه فلا نعثر الا على المبررات والحجج المستميتة بهواجسها ومخاوفها القديمة الجديدة ؟.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها