الجنوب بين طريقين!
اليمن اليوم تحت الفصل السابع، والقرارات الدولية منذ عام 2013م الى آخر قرار في فبراير 2017م جميعها تؤكد على أن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني هي المرجعيات المعترف بها دوليا، وأنها الاطار الوحيد لعملية الانتقال السياسي والحل الشامل للقضايا اليمنية وعلى رأسها القضية الجنوبية، ولذا من المستبعد أن يحصل اي اعتراف دولي في المدى القريب والمتوسط بأي صيغة للحل السياسي -سواء للقضية الجنوبية أو لغيرها من القضايا اليمنية- خارج إطار هذه الحزمة من المرجعيات والقرارات الدولية.
وأما إقليميا فهناك مشروع عربي بزعامة المملكة العربية السعودية ينظر إلى اليمن كجزء من الأمن القومي العربي، ويجد في مشروع الدولة الاتحادية الذي تتبناه الشرعية اليمنية خيارا مناسبا لمحاصرة النفوذ الايراني وأدواته في اليمن جغرافيا وسياسيا. ومن هنا نشأ الترابط بين التحالف العربي الذي يجد في الشرعية اليمنية مظلة قانونية دولية للقيام بعمليات عسكرية في اليمن لمحاصرة التمدد الايراني وبين الشرعية اليمنية التي تجد في التحالف العربي داعما أساسيا لها وشرطا ماديا لاستمرارها، هذا إضافة الى أن المبادرة التي باتت جزءا من الشرعية الدستورية اليمنية هي مبادرة خليجية.
هذا الترابط بين الشرعية اليمنية ودول الجوار العربي في الأهداف والمرجعيات هو الذي جعل مواقف مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية مطردة منذ العام 2011م الى اليوم باتجاه واحد هو دعم الشرعية اليمنية والحفاظ على وحدة اليمن واستقراره، وكان آخر تلك المواقف البيانات الأخيرة الصادرة عنها بشأن المجلس السياسي الذي تم اعلانه في عدن قبل أيام.
إذن نحن أمام واقع دولي وإقليمي لا يخدم فكرة انفصال الجنوب، وبالتالي فإن القوى السياسية الجنوبية أمام مفرق طرق، إما أن تتحلى بالواقعية السياسية وسلوك الطريق الذي يراعي معطيات الواقع الدولي والإقليمي والاستمرار في النضال لحل القضية الجنوبية من خلال الشرعية اليمنية ومرجعياتها الثلاث المدعومة دوليا لتحقيق الحد الممكن من الحقوق المدنية والسياسية لشعب الجنوب في ظل دولة اتحادية ديمقراطية حديثة.
وإما أن تتجاهل الواقع السياسي المحيط، وتسير في الطريق المضاد، والإصرار على التمسك بشرعيات وهمية معزولة عن واقعها المحلي ومحيطها العربي والدولي.
أنا شخصيا أرى أن العمل من خلال الشرعية اليمنية ومشروع الدولة الاتحادية لا يزال هو أفضل السبل لتحقيق انجازات ملموسة للقضية الجنوبية بدءاً بإعادة تحقيق الشراكة الوطنية وإعادة بناء المركز السياسي للجنوب في إطار الدولة الاتحادية وانتهاءً بتحقيق تقرير المصير من خلال نواب الشعب الذين ستفرزهم عملية ديمقراطية نزيهة عبر صناديق الاقتراع التي لا يوجد سواها معيارا مقنعا لقياس الارادة الشعبية.
أما المشاريع الأخرى التي تريد أن تصارع كل الإرادات الدولية والإقليمية وتصر على السير بكيانات متنكرة للمرجعيات الوطنية والدولية -فمع كل تقديري لأصحاب تلك المشاريع- فإنها ستظل مشاريع تأزيم ومعارضة عنفوانية دائمة ولن تستطيع أن تنتقل خطوة نحو الإنجاز السياسي إلا في حالة واحدة فقط هي حصول انقلاب جذري في مراكز القوى والاستقطابات الدولية شبيها بما كانت عليه الأوضاع الدولية أيام الحرب الباردة، وهذا أمر مستبعد حصوله على الأقل خلال العشرين سنة القادمة!!.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها