الشقراء مرة أخرى!
مرة كتبت هنا: اسجنوني جوار الشقراء.
كانت نجمة التنس الحسناء الروسية، ماريا شاربوفا، ترضخ لقرار اتحاد اللعبة بالتوقف عن اللعب، وكانت سلطة الدوما تأخذ بالقانون بسجن ماريا بعد أن أثبتت الفحوصات تناولها لمنشطات.
كنت أوقظ حبًا قديمًا لريفي بنى خيالاته من أغلفة الصحف الرياضية.
لقد عاشت البلاد طفرة رياضية أثناء وصول منتخب الناشئين لكأس العالم في فنلندا، يوم نعت الرئيس المخلوع المنتخب بـ”منتخب الأمل”، فضاع المنتخب وضاع الأمل، ووجد كابتن المنتخب نفسه متسكعًا في الأرصفة يبحث عن وظيفة.
من يومها وأنا أتابع ماريا.
ولم أكن متحمسًا للشيوعية في يوم من الأيام، وكنت مثل العاشق يرى حمار معشوقته أجمل من حمير الناس، فكلما أخذت شاربوفا لقبًا أقول: لا بد لروسيا العظمى أن تستعيد مكانتها في العالم.. العالم سيكون جميلًا ومتوازنًا، والجملة الكبيرة تقول: لا بد من تدعيم النظام العالمي أحادي القطب، بنظام جديد ليكون ثنائي. وليس لها إلا بوتين.
سقطت كل أنظمة العالم تقريبًا في بحر تخثر بدماء الشعوب.
وسقطت روسيا، وغرقت أكثر بسجن ماريا وعندما سجنوها، كان أنصار المخلوع يقفون أمام السفارة الروسية رافعين شعارًا من كلمتين: شكرًا روسيا!
روسيا تقدم الدعم المعنوي للمليشيا. ترفع يدها ضد عقاب المجرم وتخفض يد ماريا. الكرملين يتحرك ضد الحياة. ويحيى صالح نجل شقيق المخلوع يدخل استوديو (آر تي في) الروسية ليطالب “الدوما” باستخدام الكيماوي، ليضحك عليه المذيع: هذه فانطازيا فانطازيا. أبدل التاء طاءًا ليمعن في الضحك على يحيى.
عيال العائلة المخلوعة يعربدون في كل أصقاع الأرض، يعرفون مرتادات الملاهي. يعرفون الفنانات، لكنهم لم يلوثوا ماريا. ومن حسن الحظ أنهم لم يقرؤوا الصحف الرياضية. هذه من الحسنات التي جعلت ماريا تخرج من السجن قبل أسبوعين تقريبًا، ليستبين البون الشاسع بين طغيان الدولة وعنجهية المليشيا، المليشيا التي تختطف الصحفيين وآلاف الموطنين، تحكم بالإعدام على من تشاء، وتحتفظ بمن تشاء في أماكن مجهولة لمدة مجهولة في بلد معلوم.
قلت اسجنوني جوار ماريا لأرثي حال الرياضة في عهد المليشيا: تحويل الملاعب إلى ثكنات عسكرية، ستاد دولي مكانًا لإخفاء المختطفين، صالة رياضية صارت مكتبًا لصرف الأسلحة لأفراد المليشيا، ضياع الدوريات والصحافة بما فيها الرياضية، ولم أعرف خبر سجن الجميلة ماريا غير صدفة من صفحات الفيس بوك. ثم تلك النكبة الثقيلة التي لم تخطر على بال أقرب داعم للحوثيين وهي تعيين حسن زيد في حكومة المتمردين وزيرًا للشباب والرياضة، بوجه شيبة مقنفد الخدين يؤكد بأن الزمن نفسه لا علاقة له بالرياضة كما لا علاقة لحسن بالشباب.
أشعر بأني أقدم على جريمة وأنا أستحضر حبي لأتحدث عن حسن زيد، ماذا يكون الحكم هنا إذا كان من الظلم الفادح مقارنة ماريا بأمل باشا أو بأي ناشطة ناعمة تعمل في حقوق الإنسان وتدافع عن جرائم جماعتها انتصارًا للعرق المؤمن باصطفاء المني وقداسة النُطف. السبب إنساني بحت ولا علاقة له بالرياضة، كما انحيازي لماريا، عاطفي بحت ولا علاقة له بالتنس.
ماريا لم تقتل أحدًا، قامتها المعتدلة بعثت الحياة في مخيلات البسطاء البائسة
والآهات التي تصدرها عند ضرب الطابة بمضربها الشبكي، تدغدغ قلب من لم يعرف قواعد لعبة التنس، بعكس ضرب الطائرات الروسية على مدن سوريا..
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها