ملاحظات حول تأسيس الولايات المتحدة..!
جورج واشنطن، بطل الإستقلال الأمريكي وأول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية. وأول - وعلى الأرجح آخر - رئيس أمريكي يفوز بنسبة 100% من أصوات المجمع الإنتخابي، في أول إنتخابات رئاسية بعد الإستقلال مباشرة (ابريل 1789) .
رفض تسلم الراتب الذي حدد له من مجلس الشيوخ، معتبرا أن واجبه خدمة دولته ووطنه دون مقابل.
رشح، وأنتخب، لدورة رئاسية أخرى تنتهي في في 1797، وعند إنتهاء ولايته الرئاسية الثانية هذه طلب منه الترشح لدورة رئاسية ثالثة، فرفض قائلا :
( نريد أن نؤسس دولة مؤسسات لا دولة أشخاص) فارضا بذلك مبدأ تولي المنصب الرئاسي لفترتين رئاسيتين فقط، كعرف صارم( قبل أن يكرس ذلك لاحقا، كمبدأ دستوري، بموجب التعديل رقم 22 عام 1951).
وأستحق، بإنجازاته التأسيسية الجليلة، أن يخلده شعبه بتسمية عاصمة البلاد بإسمه.
هذا يعني أن على التأسيس - أي تأسيس - أن يتجاوز شخص المؤسس وإلا فلا تأسيس.
ذلك أن التأسيس تدشين وتكريس وتخلي، بفصل المؤسس " بالفتح " عن شخص المؤسس وإلا فإن بقاء وإستمرار هيمنة هذا الأخير يذهب بالإثنين معا.
والمؤسسة - أي مؤسسة - تتكون - وفق التعريف الأنثروبولوجي - من عنصرين، مادي - يتمثل بالأفراد - ومعنوي، يتمثل بالقيم، ووفق تراتبية تجعل الأفراد في خدمة القيم، وليس العكس، فإذا ماهيمن الأفراد (المادي على المعنوي) أنهار التأسيس.
(من الطريف، كمثال، ملاحظة أن مجموعة شركات هائل سعيد أنعم، تكاد تكون الوحيدة في اليمن حاليا التي ينطبق عليها وصف " المؤسسة " فعلا، متفوقة بذلك على الدولة والأحزاب وحتى على القبيلة - وأن ذلك متأت من الفكرة نفسها، أي بتجاوز المؤسسة لشخص المؤسس، إذ أكتفى المؤسس بالتدشين ووضع المداميك متخليا عن كل سلطة له، للإدارة وفق الأسس المتفق عليها، فرحل هو وبقيت هي).
فعل التأسيس يشبه - من بعض الوجوه - أن تزرع نخلة، إذ عليك ان تزرعها ليقطف ثمرتها أولادك وأحفادك، لا لتقطفها أنت نفسك، مع ملاحظة أن أولادك وأحفادك هنا هم كل الأجيال الآتية من أبناء شعبك.
فإذا ما أستعجلت في إستيفاء عائد جهد زراعتك لها، فليس أمامك إلا أن تقطعها لتستخدمها حطبا تدفئ به شتاء عمرك، ولتنتهيان معا، أو على التوالي، لافرق.
ومن المفيد أن نلاحظ أيضا أن الدولة باللغات الأجنبية " State " تعني الإستقرار والثبات، المتجاوز للزمن والأشخاص، كتأسيس لمصلحة مجموع الناس في بلد ما.
بينما أن معناها في العربية متأت من الفعل دال يدول دولة، فتكون الدولة تارة لهولاء وتارة لاولئك من الناس، وعلى نحو يجعلها عرضة للتقلب، بتقلب الزمن والناس.
مايجعل " المتغلبون " في زمن ما، يتشبثون بمانسميه مجازا بالدولة بإحساس أن " النوبة " - نوبة التغلب - نوبتهم (دولة بني فلتان، دولة بني زعطان).
وكخلاصة :
فإن تكريس الدولة ،كمؤسسة تتجاوز الأفراد والجماعات ولمصلحة جميع الناس في أي بلد، بحاجة الى مؤسسين عظماء يقبلون بأن يتجاوزهم التأسيس، بكل مايعنيه، ويقتضيه، ذلك من تفان وإخلاص.
أما الذين يتشبثون بمصالحهم الأنانية، كلما اتيحت للناس فرصة للتأسيس، أو لإعادة التأسيس - معتبرين أن النوبة نويتهم هم - فليسوا سوى مبعسسين نفعيين وإنتهازيبن لايؤسسون سوى الخراب.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها