لنا مكان في المستقبل؟
واحد من أكثر النشاطات تشويقًا في منتدى دافوس، المنعقد حاليًا، هو العرض الذي قدمته الإمارات عن المستقبل الذي يصنع في مختبرات العالم. شيء مختلف من منطقتنا غير مشاركات الحروب والنزاعات التي ملأت قاعات النقاشات الأخرى في المبنى نفسه.
في خلال أربع سنوات سيمكن للفرد وهو في بيته اكتشاف أي إشارات ورمية سرطانية من خلال إجراء اختبار على اللعاب تكلفته عشرون دولارًا. التقرير استعرض التقدم المبشر في القضاء على العمى، وهناك ما هو أبعد من ذلك. ففي منتصف القرن يكون العلم بلغ طموحه من خلال التجارب المخبرية حاليًا في تشكيل الجنس البشري، بإضافة عضلات وزيادة الطول وتأخير الشيخوخة. وهناك تجارب سريرية تتم اليوم ستقرر نتائجها مستقبل السنوات المقبلة، إحداها تجري بنقل دم ممن هم دون سن الخامسة والعشرين إلى من هم فوق الخامسة والثلاثين لمعرفة تحسنات الخلايا المهمة.
قرأت العرض الذي قدمه الوزير محمد القرقاوي وفريقه في المنتدى، وهو يعبر عن رغبتنا في الحصول على مكان لنا في العالم الجديد، بالتواصل مع المؤسسات العلمية والبحثية الكبرى في العالم. قدم عرضًا متفائلاً عن المستقبل شاركت فيه منظمات مختلفة بما توصلت إليه أو تعمل على إنجازه. وبعضها يتم اختباره هنا مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد، والطائرات الشمسية، وقطار «الهايبرلوب» فائق السرعة.
ما يجري في مطبخ اليوم للمستقبل يُبين الفارق المخيف بين المجتمعات التي تخطط وتعمل من أجل تقدمها، وتلك التي لا تزال تعيش في الماضي، وترفض الانفتاح على العالم الذي سيدفنها بمنتجاته وسرعة تغييراته.
التقرير أعدته نخبة من أبرز مستشرفي المستقبل في العالم، ضم أكبر تجمع في العالم لتوليد الأفكار والمبادرات المستقبلية في ضوء الثورة الصناعية الرابعة، كما يقول القرقاوي، حيث ساهم 21 مختصًا من أنحاء العالم في كتابة هذا التقرير في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة، والصحة، والتعليم. ويقدم التقرير «112 تنبؤًا مستقبليًا سنشهدها في الأربعين سنة المقبلة مثل المزارع العائمة، والأعضاء الجسدية المطبوعة بطباعة ثلاثية الأبعاد، وتحديات التغير المناخي، والصفوف الدراسية في العالم الافتراضي».
وفِي رأيي أن التقدم في تكنولوجيا التعليم هو الأكثر أهمية لنا، من أجل أن نختصر المسافة والزمن للحاق بالعالم، كوننا نركب في آخر عربات قطار التقدم. ومع أن التقرير لم يتضمن ما يكفي لفهم تطورات تقنيات التعليم الحديثة إنما فيه ما يشجعنا على التحول المعرفي الجديد. فالمدارس والصفوف الافتراضية، والواقع الافتراضي بشكل عام لتدريس العلوم، واستعداد الجامعات العلمية الأفضل في العالم على وضع جزء من علومها ومناهجها متاحة لمن أرادها، مع توفر مزيد من وسائل التعليم والتركيز على أهم أربعة مجالات تعليمية هي العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات. التطورات العلمية للتعليم ستساعدنا على اللحاق، حيث إن مفهوم التعليم كله يتبدل اليوم للكبار والصغار.
التطورات الحاصلة في العلوم هي إنجازات العقل البشري التي تصنع الفارق بين أمة وأخرى.
*صحيفة "الشرق الأوسط"
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها