تعز.. سنغافورة الشرق الأوسط!!
من سوء الحظ أن تكون المعارك على مشارف باب المندب والمخا، وهما من ضمن المناطق التابعة إداريا لمحافظة تعز بحسب التقسيم الإداري للجمهورية اليمنية، وكما كان معمولا به في الجمهورية العربية اليمنية، ومقاومة وجيش تعز التابع للشرعية مشغولا في الجبهات المحيطة بالمحافظة من جهة، وبالجبهة الداخلية من جهة، صحيح أن المعركة تعني اليمن ككل، لكن هذا لا يعفي جيش ومقاومة أبناء تعز من الإسراع ومد المعركة حتى المخا وباب المندب، حتى لا نفاجأ مستقبلا بوضع مغاير ومختلف عن الوضع الإداري السابق، والمعمول به منذ الدولة الرسولية والدولة العثمانية والدولة المتوكلية والاحتلال البريطاني وما تلا ذلك من وجود شطري اليمن، ودولة الوحدة الممتدة من عام 1990 حتى اليوم.
من حقنا كسكان لهذه الأرض وأبناء لهذه المحافظة، المحافظة على وحدة وحداتها الإدارية ومعالمها وحدودها الجغرافية والديمغرافية، وفقا لخرائط البلد الموجودة بين أيدينا، حتى نستطيع أن نسهم في بناء ولاية المخا وهي كل محافظة تعز سابقا، وهي جزء من إقليم الجند الذي يضم تعز واب بحسب الإقاليم الستة التي نصت عليها مخرجات مؤتمر الحوار، ومن غير المقبول والمعقول ضم والحاق أيا من وحدات تعز الإدارية بأية إقليم أو ولاية، فهذا كيان موجود ومكتمل وهناك شعور بالانتماء لتعز وولاية المخا بحسب التسمية المستقبلية المفترضة، وهذا سيساعد في بناء الدولة الاتحادية ذات الطابع الفيدرالي، فإذا لم يكن هناك شعور وإيمان كل أبناء إقليم وولاية في الأقليم بحقهم وبذاتهم وبكينونتهم وثقافتهم المحلية فلا داعي للأقاليم من أساسها.
"لقد حدد دايسي شرطين لتشكل الدولة الفدرالية، أولهما هو: وجود عدة دول وثيقة الارتباط ببعضها محليا وتاريخيا وعرقيا أو ما شابه، يجعلها قادرة على أن تحمل-في نظر سكانها-هوية وطنية مشتركة. والشرط الثاني هو: الرغبة الوطنية في الوحدة الوطنية والتصميم على المحافظة على استقلال كل دولة في الاتحاد". وهذان الشرطان متوفران في تعز ولاية المخا، واعتقد أنهما متوفران في بقية الأقاليم الخمسة.
من السخافة يا أبناء تعز جميعا أن تنشغلوا بمعارك وهمية مصطنعة وسواحلكم غير محررة، أعلم أن الدعم قليل والمخطط ربما أكبر مما نتخيل، لكن أن نكون على وعي تام بما نريد هو الأهم في هذه اللحظة، إن فتح الطريق أمام الوية الجيش الوطني لتحرير تعز والمقاومة للذهاب إلى المخا هو الوضع الصحيح اليوم والذي يجب ان نكابد كل الصعوبات ونتحداها لنقوم بواجبنا، فلن يستطيع أي جيش تحرير هذه الأرض بدون أبناء تعز، لا جواس ولا هيثم ولا زعطان ولا فلتان، المعركة وطنية بامتياز، لكن اهل تعز أدرى بشعابها، ويجب أن لا يكونوا بعيدين عن المعركة الحقيقية، أما الانشغال بغزوان وعادل فهو من الحماقة بمكان، وإذا كان لدينا شباب وشيبان طائشين ومتفرغين للتسكع لماذا لا نرسلهم الى مواقع الشرف والبطولة معا؟ فمعركة غزوان وأبو العباس يجب أن تكون في تحرير المخا، وبدل التعارك لأجل فتات القات هناك ما هو أهم، تفعيل الميناء الأقدم في جزيرة العرب -المخا- سيغطي نفقات ولاية تعز كاملة، كما أن تشغيل الشريط الساحلي للمضيق الأهم في الشرق الأوسط بتجهيزه لخدمات السفن والنقل البحري سيدر أرباحا خيالية ستفيض إلى كل أنحاء ولاية المخا، لن نكون بحاجة إلى نفط مارب، ولا إلى نفط حضرموت وشبوة والجوف، ولا بحاجة إلى لوز خولان، سنكتفي بإنتاج البصل والجبن التعزي المدخن، وتعليب الأسماك لنعيش مستقرين في ولايتنا معززين مكرمين.
رسالة إلى قيادة محافظ تعز وقيادة المحور وقيادات الجيش والالوية والقيادات العسكرية والأمنية : بدلا من النزاع بسبب أسواق القات -المركزي، وباب موسى، وديلوكس الخ الخ، انقلوا كل مراكز بيع القات إلى المخا، لنحقق منه ما يلي: ارسال الموالعة إلى الجبهة مما سيساعد على تحررها، وتنشط مدينة المخا سياحيا، وبذلك نحافظ على هدوء مدينة تعز التي هدتها حرب الغزاة الجدد، وهدتها خلافات المقاوتة ومستلمي العرصة، فتح اعين أبناء تعز على الطريق الصحيح الذي يجب أن يسلكوه..
الحلول الجذرية يا كل قيادات تعز انفع وانجح، انظروا إلى المستقبل: تعز ليست بحاجة إلى قات، ولا إلى مقوات ولا لعشرات المفصعين، هي بحاجة إلى لملمة الجراح، وإعادة الإعمار، هي بحاجة إلى خمس جامعات بحثية وعشرين معهد تقني، تجنب أبناء تعز التشرد في المحافظات الأخرى بحثا عن مقاعد التعليم، تعز بحاجة إلى ماء وكهرباء ودواء، بحاجة إلى التطهر من رجس عفاش والحوثي، تعز بحاجة إلى تهيئة الأجواء لتدشن أهم ولاية في أقاليم اليمن، ولاية المخا، لنحول أهلها من عمال مشتتين فقراء إلى عمالة مدربة ومهيأة للمستقبل.
تعز التي عانت التهميش منذ مجيئ المسخ الدجال علي صالح في 1974 بحاجة إلى الالتفات ومسح جراحات الزمن، تعز الثورة تعز الحرية تعز الكرامة بحاجة إلى التفكير بطريقة مختلفة، موقعها الجغرافي هو الأهم في جزيرة العرب، تطل على القرن الأفريقي من باب المندب إلى المخا.
ومساحتها أكبر من مساحة سنغافورة 14 مرة تقريبا ، مساحة دولة سنغافورة 710 كيلو متر مربع، بينما مساحة تعز 10400 كيلو متر مربع، لكنهما يتساويان تقريبا بعدد سكانهما، سكان سنغافورة حوالي 6 مليون نسمة وتقريبا نفس الرقم موجود في تعز.
في 9 اغسطس 1965 صوت البرلمان الماليزي بالأغلبية علي طرد سنغافورة من الاتحاد الماليزي، وبعدها بساعات اعلن البرلمان السنغافوري الانفصال واعلان جمهورية سنغافورة المستقلة، "أدى يوسف بن اسحق اليمين الدستورية لمنصب رئيس سنغافورة ليكون بذلك أول رئيس لجمهورية سنغافورة وأصبح لي كوان يو أول رئيس وزراء لجمهورية سنغافورة"، رئيس الوزراء بكى من الانفصال فالدولة الجديدة كانت بدون موارد حتى المياه لا تكفي السكان، بدت الحياة صعبة، ولم يكن هناك ما يبشر بخير، فيما بعد ادت سياسة الاستثمار وتشجيع الصناعة على تحقق الرخاء الاقتصادي، ففي عام 2006، سمت شركة "أي تي كيرني" جمهورية سنغافورة "المدينة الأكثر عولمة في العالم"، وأهم مما سبق كله ووفقا لمؤشر القيود "هينلي فيزا "عام 2014 احتل الجواز السنغافوري المركز الـ6 علي مستوي العالم حيث يمكن لحاملة من دخول 167 دولة من دون فيزا مسبقة، ونمو اقتصادها وصل إلى 17.9%.
لا شيء مستحيل وعلينا التفكير بالمستقبل لا النظر إلى الخلافات الأيدلوجية الماضوية: إصلاحي سلفي جني عفري ناصري يساري، كل هذه التسميات من دون اقتصاد محلها في الأرشيف، لا حاجة لنا بمسميات الجوع والحرمان السابقة، علينا التفكير جديا بدستور الولاية الجديد، ووفقا للأنظمة الفيدرالية في العالم فإنه "فيما يخص الأقاليم والولايات فهي تعتبر وحدات دستورية، لكل منها نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، ويكون وضع الحكم الذاتي للأقاليم، أو الجهات أو الولايات منصوصا عليه في دستور الدولة بحيث لا يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية".
ستكفينا المناصب والرتب والوظائف المرتبطة بالاقتصاد الحر الذي يجب أن ينشأ في ولاية المخا، يا قادة الألوية والجيش هيئوا الفرص للوضع القادم، فأنتم قوة لا تقهر، استفيدوا من الفرص الراهنة، وفوتوا الخلافات الغبية، وهذه الحرب لن تستمر للأبد، ويجب أن تظل تعز قوية موحدة الهدف والمشروع المحلي والذي لن يكون بعيدا عن مشروع الدولة الاتحادية، علينا أن نسبق غيرنا إلى خدمة أبناء هذه الولاية الذين جار عليهم الزمن والأنظمة والمذاهب والطوائف والأحزاب والجماعات، وأن نكون أملهم الواعد بالحياة والاستقرار والرفاهية، لا أن نكون جزء من عذاباتهم، لأن امزجتنا سيئة أو لأن من يدعمون هذا الفصيل أو ذاك يريدون منه عمل يضر بمصلحة تعز وأهل تعز.
استعادة الدولة بشكلها الحالي والانتقال الى الوضع المستقبلي الاتحادي يتطلب نوعا من الصراحة، ومثلما أننا لن نفرط بشبر واحد من أرضنا اليمنية للهاشمية السياسية أو أي عدو متربص، علينا المحافظة على أمانة الأجيال على أهم مكتسبات ثورة 11 فبراير، وهي مخرجات الحوار وأهمها على الاطلاق :"الدولة الاتحادية" وهي حلمنا جميعا، وعلينا المحافظة على الأقاليم وسلامة أراضيها ووحداتها الإدارية والجغرافية والديمغرافية، لتكن تعز سنغافورة الشرق الأوسط، ولتكن بقية الأقاليم والولايات ما تشاء، في إطار اليمن الاتحادي الكبير.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها