قابيل ماذا فعلت بأخيك .؟!
عام 1986م .. كان عمري 5 سنين .. لا أعرف شيئاً عن الصراع في عدن ، فقط مشاهد من التلفاز في شطرنا الشمالي ـ آنذاك ـ توحي بحقيقة ما يحدث .!! والمذيع يسأل في حزن ” هل أصبحت عدن ”مثل طيبة“ في تلك المأساة الإنسانية ” أوديب“ لا أحد يدري إلى أين تسير“ ومن الطبيعي أن صبياً في هذا العمر لم يكن يعرف حجم ونوع ما فعله حكام عدن المتصارعين .. وقد كان كاتب يقول في مجلة قديمة لم تسعفني الذاكرة باسمها ( مع جريمة 13 يناير 1986م ) أمواج اليأس تضرب الشواطئ اليمنية بضراوة ” ولم أفهم بالطبع ما الذي كان يعنيه الكاتب في عنوانه الصارخ .
- إن عيني تلميذ الإبتدائي ومشاعر الصبي لم يعد لهما مكان الآن ولا مكان أيضاً لإستدعاء صورة الملابس التي أتسخت في ذلك اليوم .. هروباً من عصا مدير المدرسة ، حين تعيد قراءة ما جرى بعد 22 عام كاملة ، وحين نسجل ملامح اللحظة التي توقف فيها الزمن أمام رئيس كان قادراً على أدهاش كل الناس بأختيار الحلول السلمية ولم يفعلها ، لقد أختار علي ناصر محمد الغدر بخصومه في الاجتماع الدوري للمكتب السياسي للحزب في مقر اللجنة المركزية بتواهي عدن ، لم يحضر وأرسل حراسه لقتل خصومه ، فكان أول رئيس ينقلب على نفسه ويجر دماء الناس الأبرياء إلى رصيف قذر (!!).
- وفي 12 ديسمبر 1987م أصدرت المحكمة العليا في اليمن الجنوبي حكماً بالإعدام ضد علي ناصر محمد رئيس اليمن الجنوبي آنذاك ، كما أصدرت أحكاماً بالإعدام بحق 34 من أنصاره ومن بين هؤلاء 19 شخصاً غائباً ، كما حكمة على 17 مسؤولاً وكادراً بعقوبات مختلفة بالسجن .
- حين أصدرت هذه الأحكام تصدع الحل الأخير في أيجاد حلول سلمية في تفادي مأساة قادمة ، وكان العقيد علي عبد الله صالح أول من تدخل لوقف الأنهيار الحاصل ، أجرى أتصالات مبكرة في يناير 1986م ، ووجه العديد من الرسائل في الشهور التالية وأجرى إتصالات مبكرة أيضاً مع العديد من الرؤساء العرب لتدارك الموقف المتصدع وأجرى مباحثات مع حيدر أبو بكر العطاس وعلي سالم البيض والعديد من حكام عدن السابقين خصوصاً فيما يتعلق بالمحاكمات والأحكام وحين صدرت دفعة الأحكام الأخيرة في 12 ديسمبر أجرى العقيد / صالح أتصالاً هاتفياً بعلي سالم البيض حضه فيه على تأجيل الأحكام قائلاً : أن ذلك سيرمم الأحزان والجراح الناجمة عن أحداث 13 يناير 1986م ، وهو الذي خاض بنجاح تجربة توطيد الوحدة الوطنية في الجمهورية العربية اليمنية - يعرف أن هذه الموجة من الأحكام من شأنها أن تعيق أي خطوة لمصالحة داخلية في الشطر الجنوبي الذي يسعى بدأب لتحقيق الوحدة معه .
- وهذه الموجة التي تلت إعدامات حكام عدن السابقين لأنصار علي ناصر محمد بالهوية وتجاوز عددهم الآلاف تدمر أي أحلام أو أوهام بمصالحة داخلية ما لم يتم تقديم أصحابها إلى العدالة أو النزول إلى ذوي القتلى الأبرياء لأخذ مساحة خطية يتنازلون فيها عن دماء من أكلتهم الغربان وعملت الدولة على مطاردتها بالبيض المسموم وبالرصاص أيضاً .
- وقد حاولت صنعاء أن تصب الماء على النار لإطفائها ، وأنتظرت أن يعود المنطق من أجازته الطويلة لإجراء مصالحات من أجل مصلحة اليمن بشطريه ، وخدمة لقضايا الإستقرار فيه وفتحت أبوابها للنازحين الجنوبيين الذين صار عددهم مائة ألف على أمل أن تنحسر موجة الأحقاد فيتاح لهم العودة إلى عدن بأمان ، وتجاهل إنقلابيو عدن ( زمرتهم وطغمتهم) مناشدات الأشقاء والأصدقاء بوقف الإقتتال ، وتقدموا نحو أعمال التنكيل والإرهاب ، والمحاكمات الصورية .
- .
- في مدينتنا إحتشد الآلاف في منازلهم يشاهدون ضحايا الحرب المدمرة بين الأخوة الأعداء ، وكان الكثير يتصورون أن السلام في تلك المنطقة مستحيل وأن عدن غرقت في وحول الضغينة ، وبأيدي الأبناء الذين كان من المفترض أن يسيروا بها إلى شاطئ الأمان ، وليس إلى حمامات الدم والمنافي الإجبارية .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها