تحول الفكر من التفكير إلى التعكير
نشأ الفكر الإسلامي كمصطلح جديد في القرن التاسع عشر وكانت هذه الفترة بحاجة ماسة لمقابلة المد المخالف للإسلام سواء كان هذا المد من الماركسية المنكرة لوجود الله تعالى أو المستشرقين الدارسين لعلوم الشرق المحاولين عبثاً التشكيك في الدين وإظهار التعارض وعدم صلاحيته لهذا الزمان.
فنزل الميدان مفكرين لهم من الدعوة قصب السبق ولهم من العلم في الشريعة الإسلامية الباع الطويل منافحين ومدافعين ودارئين للأقلام المشبوهة فنفع الله بهم ونسأل الله تعالى أن يكتب الله أجورهم.
وكانت ردودهم دفاعا عن الإسلام لا التشكيك فيه ولا التلبيس على معتنقيه ولا الطعن في مسلماته كل هذا بردود علمية مستندة الى الكتاب والسنة وبقية أدلة الأحكام كالإجماع والقياس والمصالح المرسلة وسد الذرائع ... إلخ مما هو معروف عند أهل العلم.
ثم خلف من بعدهم خلوف تلبسوا بلباس الفكر ظاهرا وتدثروا بدثار المستشرقين باطنا وحاولوا عبثا الطعن في مسلمات الدين، فليس لهم من الفكر إلا الاسم ولا من العلم إلا الرسم.
فتحولوا من التفكير المناط به الدفاع عن الإسلام إلى التعكير الذي يريدون منه تعكير صفو الإسلام والتكدير على حملته لا سيما في أحلك الظلم التي تمر بها الأمة الإسلامية وصار ميدانهم الصراع مع حملة الدين وليس أعداءه واستمدادهم من أعداء الدين وليس من مصادره تشريعه.
فالتحول من التفكير -المتحول منه- إلى التعكير -المتحول إليه- شائبة هذا العصر للأسف الشديد والمتتبع لحالهم يجدهم فيما يظهر طلاب شهرة فليسوا أهلا للنقاش ولا للمناظرة فلا علم لهم بالكتاب ولا السنة ولا الفقه ولا الجدل والمنطق ... إلخ ، فليسوا سوى سرَّاق مفاهيم من المستشرقين حيناً ومن الشيعة حيناً آخر أو جامعين للاثنين ونقَّال لما لا يعرفون الدفاع عنه، وملفقين لأقوال لا يعرفون أسسها.
فتحول الفكر من التفكير إلى التعكير كمثل ذلك الصبي الذي يريد أن يعكر بركة كبيرة -والماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث- فغاص في أعماقه وعج فيها ولج وعفر وكدر محاولاً عبثاً تكدير صفو الماء ولكن هيهات له هيهات
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
وكان هذا من الأسباب -للمرة الثانية- التي جعلت الفكر الإسلامي يتحول الى سبة عند العلماء الشرعيين الذين رأوا في هذه التسمية تلاعب في الدين بمصطلح مطاط لا يعرف له قعر ولا قرار ولا نفع بل مضار والله المستعان ... وللحديث بقية.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها