الفرق بين الانضباط والاستبداد
كثيراً ما يتطابق في الذهن أيّ تصوّر للانضباط بأنّه نوعٌ من أنواع الهيمنة والاستبداد !
لكنّ هذا التصوّر سرعان ما يزول عند التعمّق في فهم أسباب هذا الانضباط.
فالحرية المطلقة فوضى مطلقة ، وتكون المشكلة أكبر إذا كان من ينادي بالحرية جاهلا بمنظومة الحقوق والواجبات ومفهومها التكاملي ،وجاهلا بالاعتبارات التي تضبط تلك العلاقات.
وتكون المشكلة أفدح إذا كان دعاة الحرية لايعترفون بأي مرجعية لضبط تلك العلاقة بين الحرية والانضباط .
فعلى سبيل المثال:
السرقة حرية باعتبار قدرة الإنسان على ممارستها واتفاق الناس على تجريمها ووجوب منعها وضرورة العقوبة الرادعة لمرتكبها هو ظهور العدوان فيها على حقوق الآخرين.
وفي الشريعة الإسلامية الزنى وشرب الخمر جرم ممنوع لأن فيه تعد على الأسرة والمجتمع وأمنهما وسلامتهما .
وفي عقيدتنا كمسلمين نعتقد بأن الشريعة الإسلامية منظومة متكاملة ومنهج شامل يضبط حدود الحريات ويزنها بميزان إلهي لا يفوته شيء من رعاية المصلحة ودفع الضرر والموازنة بينهما .
ومن درس علوم الشريعة سيرى كيف أنها قادرة على استيعاب كل مستجدات الحياة وفق ضوابط علومها المنهجية والتي تحفظها من هفوات البشر وقصور عقولهم ونزوات قلوبهم .
وكثيراً ما يتعرّض المشتغلون بعلوم الشريعة وفقَ ضوابط علومها لانتقادٍ واسعٍ من قبل (المنفتحين أو المنفلتين !) بسبب تمسّكهم بهذه الضوابط، فهل التمسك بتلك الضوابط استبداد من علماء الشريعة وفقهائها كما يحلوا للعلمانيين أن يسموه أم أنّه انضباطٌ منهجي ليس لأحدهم حق في الخروج عنه ؟!
اللهم اجعلنا ممن وصفتهم بقولك :
(وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها