من سفكوا الدم ببطاقة الهوية يكررونها اليوم بالحزبية
يكفي لأي مراقب أن يرصد مدى ترسخ أو تفسخ مشروع التصالح والتسامح الذي احتفى به المتصارعون منتصف يناير في عدن من خلال تتبع ما جرى بعد الفعالية ليكتشف المسافة بين الشعار والتطبيق.
أنا هناء أتحداهم أن يذكروا لي وقائع وسلوكيات تلت المهرجان تستحق الإشادة غير (اللوحة الجميلة) التي رسمها حشدهم يوم 13يناير في ساحة العروض – والتعبير للشيخ بن شعيب في حديثه لقناة الجزيرة يومها- لكنني أستطيع سرد بضعة وقائع ارتكبتها أيديهم تنسف وتخدش (اللوحة المليونية) وجاءت مباشرة كثمرة لها حيث برزت وقائع الاعتداء على المسيرات السلمية في كريتر والاعتداء على مبنى السلطة المحلية بالمنصورة وإحراق سيارة فهمي سهل وطعن الشاب أسامة بكار بينما كان يوزع لهم وجبة الأرز ويخدمهم في ذات الساحة المسكينة وفي عدن وحدها ولن نتطرق لحماقات مشابهة في بقاع شتى من الجنوب مارسها بعض المتشنجين ليثبتوا بحق أنهم (أصحاب القرار) –وهي تسمية فعاليتهم الأخيرة الموجهة لمجلس الأمن الذي كان يتواجد قريبا منهم في صنعاء- ووجهوا بهذه الأفعال رسائل قوية استوعبها الداخل والخارج جيدا عن ملامح الجنوب القادم.
ولهذا أكرر تأكيدي أن التصالح والتسامح بحاجة إلى عمل آخر غير الاحتفاء والتجمهر ورفع صور القتلة وشحن المشاعر بالكراهية وتعبئة الأفكار بالتخوين وممارسة السياسة بالإقصاء والإلغاء.
التصالح والتسامح قيمة نبيلة لا تصنعها القلوب السوداء، ولا الأفئدة التي لم تتطهر من أدران الماضي ورجسه وخطاياه ، ولن ترسم هذه القيمة الأيدي المخضبة بدماء الأبرياء أمس واليوم.
نحن بحاجة لمشروع حقيقي يقصي أولا القتلة وأمراء الحرب الذين ما يزالون بيننا اليوم يتصارعون على المنصات شوهوا نضالنا كجنوبيين ، وفرخوا الحراك إلى مكونات تتآكل وكشفوا عوارنا أمام العالم ، يتصدرون المشهد ، يسدون الأفق ويمنعون خيوط شمس المستقبل أن تشرق علينا، هم لايزالون في الماضي لم يتقدموا خطوة واحدة نحو المستقبل ، نفس الوجوه والأدوات والشعارات ، يضخون فكرهم المنحرف للجيل الجديد .
هم هم ، من صنع مآسينا وجراحنا وفشلنا ، هربوا بالأمس من المعركة وهاهم اليوم قد عادوا للانتقام منا نحن الجيل الجديد بتوريث الصراع والإلغاء والكراهية والمناطقية ليكون مصيرنا كمصيرهم .
أيها الشباب في كل شبر من الجنوب الحبيب (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) هؤلاء القادة والضباط والسياسيين المعتقين ، ظلموا أنفسهم ووطنهم وشعبهم وربهم ومن الغباء أن نهدر عمرنا ونمنحهم صناعة مستقبلنا..هم صناع نكبات لا مكتسبات..
هؤلاء لا يصنعون مستقبلا كما نحلم به ، قد رأينا مخرجاتهم كلها مجازر وصراعات ومقابر جماعية،وهم سائرون على ذات الطريق والوجهة ، وقمة البلادة أن يقودك شخص مهزوم ، كل تاريخه نكبات وقد أقسم اليوم أن يقدم في كل شبر من الجنوب شهيدا ، ونحن الجيل الجديد نوقن أن وردة واحدة لإنسان على قيد الحياة أفضل من باقة كاملة على قبره.
بقيت رسالة صادقة إلى الأخت الأديبة الأستاذة هدى العطاس،عندما سألتك في الندوة الحوارية على قناة الجزيرة عن مجموعة الهمج الذين حاولوا الاعتداء عليك في المؤتمر الصحفي قبيل تنظيم مهرجان التصالح والتسامح الأخير الذي كنت رئيسة لجنته الإعلامية، كنت أدلل لك أننا ما زلنا في طور الشعار ولم نتصالح في الأساس، يومها اعترضتي علي قائلة: أن ما حدث في المؤتمر الصحفي كان مسألة تنظيمية فقط ، ونسيتي يا عزيزتي أن مجزرة 13يناير كانت –أيضا- مسألة تنظيمية في أعلى مؤسسة للحزب وفي اجتماع تنظيمي خالص ، وقد قضى على أرواح الآلاف من أبناء شعبنا الجنوبي.
وفي الندوة انتقد الشيخ بن شعيب –أيضا- من يذكرنا بالماضي بكونه كيهود المدينة في عهد الرسول الكريم وذكر (يوم بعاث) ، لكنني أصر على استحضار الماضي لتجنب تكراره .
تذكروا أنه في مجزرة يناير كان القتل بين الطغمة والزمرة ببطاقة الهوية –وهي سابقة لم يشهدها التاريخ البشري- واليوم تابعوا الفعاليات كيف يجري التحريض على الانتماء الحزبي ، بل لقد جرى إحراق سيارة مواطن من أبناء المعلا وطعن آخر من أبناء كريتر بتهمة أنهما من حزب الإصلاح، وبين القتل ببطاقة الهوية والطعن والحرق بالبطاقة الحزبية مسافة 23عاما لم نتعلم طيلتها شيئا جديدا وما أشبة الليلة بالبارحة..
خصصت الأستاذة هدى بالمقال وهي الأديبة والقاصة لما سمعت أنها تخوض السياسة في صف الحراك من باب التجربة وقد تنوي الانسحاب نتيجة البيئة المحيطة التي لم تعد مغرية للتحليق والنشاط ، وبين الحس المرهف والعراك المقرف تضاد وخصام.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها