الصحافي أخطر من المقاتل!
الصحافي أخطر من المقاتل عند الحوثيين. قالها زعيمهم في خطاب تلفزيوني في تحريض علني على إهدار حياتهم باعتبارهم «عملاء». وترجم أتباعه هذه التوجيهات عمليا. وبات الصحافيون بين قتيل أو سجين أو مطارد بالخارج والداخل. حرب غير مسبوقة في تاريخ الصحافة منذ إقرار التعددية السياسية والحزبية في 22 مايو 1990. أُغلقت فيها الصحف والقنوات وتم حجب المواقع الإلكترونية وتراجعت اليمن في مؤشر الحريات إلى مستويات غير مسبوقة دوليا. أكثر من 13 صحافيا يقبعون في سجونهم المختلفة عشرة منهم قضوا أكثر من عام. تعرضوا خلالها للتعذيب الجسدي والنفسي والحرمان من أبسط حقوق سجين مذنب. فكيف وهؤلاء أبرياء. ناهيك عن الأذى الذي لحق أسرهم حتى اليوم. فشلت كل الحملات والمناشدات وبيانات المنظمات الصحافية والحقوقية في إقناع الحوثيين بإطلاق سراح الصحافيين. ويتعاملون مع أي تحرك من هذا النوع. بالتجاهل، وفي أحيان أخرى يتهمونهم بما ليس فيهم. بل وصل بهم الحد إلى الاعتداء على أمهات الصحافيين أثناء تنظيمهن وقفات احتجاجية أمام مكتب النائب العام في العاصمة صنعاء للمطالبة بالإفراج عن أبنائهن. ويحرموهن من زيارتهم في فترات متقطعة. مؤخرا أحالوهم إلى النيابة الجزائية المتخصصة في قضايا الإرهاب. مع أنهم لم يفعلوا هذا إلا نادرا مع مختطفين آخرين من خصومهم السياسيين والعسكريين وحتى المسؤولين. وهو وإن دل على شيء. فإنما يعبر عن عدائهم المطلق لرسل الكلمة. أفرج الحوثيون عن مواطنين أميركيين مع أنهم ينتمون إلى بلاد «العدوان». التي اعتذروا لها خلال لقاء وفدهم مع وكيل وزارة الخارجية بالكويت. لكنهم لم يطلقوا سراح صحافيين يمنيين هم مواطنون قبل كل شيء. قضية الصحافيين هو الاختبار الذي فشلت فيه الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن. وعجزوا عن الضغط لإطلاق سراحهم. وقبلوا تحويلهم إلى ورقة تفاوض مع مليشيات متمردة في شرعية المنظمة الدولية. إذا كانت هذه المنظمة بكل هيئاتها ومؤسساتها وأدوات ضغطها ونفوذها عالميا. فشلت في إعادة الحرية لصحافيين مغيبين خلف القضبان. فكيف ستكون قادرة على إنجاح مشاورات وصولا لحل سياسي. وأي أمل أبقته للتفاؤل بقدرتها على تحقيق السلام المنشود؟ في زمن الحوثي لم تعد الصحافة مهنة «المتاعب». وإنما مهنة «الموت». ومع ذلك لن يكسر الصحافيون أقلامهم ويعتزلون مهنتهم. مهما كانت التضحيات والثمن لنقل الحقيقة والانحياز لشعبهم في استعادة دولته وحريته وكرامته مثل أي شعب آخر في العالم. لا يمكن التراجع عن خيار الحرية والقبول بالعبودية. وهذا مبدأ ثابت عند الصحافيين لا تنازل عنه أو مساومة على الإطلاق.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها