مرحباً جد الحسينِ ..مرحبا !
دفاعاً عن : " مرحباً جد الحسينِ " الموالد الدينية .. الموسيقى الروحية ..المشترك الجامع لليمنيين
ما رأينا العود حنت
بالسرى إلا اليك
والغمامة قد أظلت
والملآ صلوا عليك
وأتاك العود يبكي
وتذلل بين يديك
واستجارت ياحبيبي
عندك الظبي النفور
**
ما زال طعم حلاوة " الحَلي والمُشبك ، والمُليم والسكر الأحمر بالجلجلان والسكر النبات ، " تملأ فمي مذ كنت طفلة وحتى اليوم ، ومازال شم عطر " الدرة" ، وجنة النعيم ، و"حبشوش" ، وماء الورد المقطر ورائحة البخور الجاوي والفوح وبخور " العودة " فواحة ، كذلك مشاقر الريحان والأثلان والأزاب والشذاب والكاذي تزكم الأنف وتضمخ الروح بتلك الأجواء الروحانية التي كانت تنتشر في أرجاء بيتنا المتواضع في "حوض الأشراف " تعز ، كان مفرج بيتنا يمتلىء بالرجال والصغار ونحن الأطفال /ات "نتخاوص " طرواة المشهد ، مشهد المولد النبوي أو الشعبانية أو جمعة رجب ..كأنهم مهرجان ..
ونردد :
مرحباً يانور عيني
مرحباً جد الحسينِ
أنا وأسرتي وأغلبية سكان تعز ريفاً وحضراً ، بلاد أحمد ابن علوان /الباهوت / والسودي ، والشبزي ، وصاحب الخطوة ..الخ ، اي ما يطلق علينا "شوافع " / "سنة"- بحسب التصنيفات التي لا أحبها وجعلونا نستخدمها إكراهاً – نحتفي بالموالد في البيوت ، والساحات والمساجد ، وتكيات الطرق الصوفية ، لم أعرف وربما أبي وجدي وجدتي أصل الهوية القاتلة " زيدي ولا شافعي " ، سني ولا شيعي ، رافضي ولا ناصبي ، من بني أمية ،أو من بني علي ابن ابي طالب ، لا نعرف البطنيين ولا السبلتين ، ولا القرنيين، لا نعرف ولا نريد أن نعرف إن كنا ننحدر من نسل جدتي عائشة أو من عرق جدتي فاطمة ..الخ من هويات مقتلة "الفرغة والفرغة المضادة" باسم الأموات وحفرياتهم قبل 1500 سنة ..
في العائلة الصغيرة ، وكل عائلات الأسرة الواحدة في اليمن توجد فيها تسميات فاطمة وزينب ، وحسين وعلي وحسن ومحمد ، وعائشة ، ..الخ ، ولم نَسأل أو نُسأل عن ماهية : أصلك وفصلك ، وعرقك وهويتك ..الخ؟ ، بل ولا نريد !
ذاكرتنا وذاكرة معرفتنا الفطرية لله وللرسول ، وآله الأخيار نعرفها ونمارسها بصدق وعفوية .. الكل يصلي ويسلم على محمد وآله ، وعلى الحسن والحسين .. ولم نسمع عن حرائق التطهير ، ك " الإسلام في خطر " ، و"النبي في خطر " و" لبيك ياحسين ويامحمد وياكرار وياحيدرية " و"لبيك ياقعقاع ، ويا جندبي ، ويا عردني "، ولم نعرف أن سيرة الرسول تتعرض للقرصنة الشيعية ، والطرف الآخر أن السيرة المحمدية تتعرض للتذويب السني ..الخ من هذا التطهير والتطهير المضاد ، والعقلية البوليسية المريضة والمشوهة التي لطخت نفوسنا السوية واستئلاب واستكلاب العداء والاستعداء للآخر لسيرورة عبثية تدمر الكل بالكل في جغرافيا شديدة البؤس ، والفقر ، والجهل ، والمرض ، والعجز واللادولة .. البلد الخال من بنية تحتية للإنسان ، إلا من بنى تحتية للتوحش وحروب استملاك الحق والسلطة والثروة والدنيا والآخرة بالإستبداد المفرط .. وماهذه الحروب والاقتتال والإفناء الممنهج الذي نعيشه إلا إحدى مخرجات الإستذئاب باسم الدين ومحمد وصراع غيلان عيال امية وعيال علي ، لتظهر مفردات ما قبل إنسان ودولة : اللحم / اللحمة البطنيين ، والفخذين ، التلاحم ،..الخ ، وكلها دسومة "مُجيفة" للفناء للكبح والانغلاق باسم الطهرية والقداسة ، هذه الدسومة الحجرية سبب مانحن فيه من تسيس الدين واقحامه في اليومي والمتغير لبلد متخلف لا يظهر منها سوى المخالب والمصحف والسيف للفوز بالسلطة والثروة ولا سواهما .. ونحن قود هذه القوى المتوحشة .
**
كنا نستغرب من جماعات الإسلام السياسي من حزب الإصلاح والإخوان المسلمين سابقاً وتقنيتهم في صناعة اقتصاد الفتوى والترهيب والتكفير والملاحقة لكل مخالف وتتمثل في تحريم الموسيقى الموالد الدينية ، وهدم الأضرحة ومقامات الأولياء وملاحقة المتصوفين في الأرياف والمدن ، ( وقد كتبت في هذا الخصوص العديد من المقالات أثناء زيارات العديد من الأرياف والمناطق ) ، وان هذه الممارسات الشعبية الفطرية ،بدع خطيرة على العقيدة ، ووجب الحرب عليها ..واليوم يواصل المجاهدون بالإيديولوجيات والمذاهب نفس الخطى لكن على أعنف وأفتك .. كما رأيت وقرأت في الكتابات المنفلتة من العقل والمنطق ، الملتحمة بالتهييج والطائفية من أن هناك نوايا مُبيته من قبل الشيعة الزيدية والهاشمية لمحو السنة البادية في الكثير من النصوص والفنون من موشحات وتراث شعبي ..الخ ، وان هناك دس الولاية والإمامة وانصار الله في تفكيك الأوصال الإيمانية .. وانه يجب على الدولة تصحيح الانحرافات في الموشحات والحمينيات التي وجدت قبل قرون ،أي قبل الحوثية ..الخ من أفكار التعصب الجامح.
ولذا ، نريد إجابة من هذا الفصيل التطييفي : أين هي ثارات الحقد الدفين المُبيته منذ مئات السنيين في تقاليد الاحتفالات الدينية ، والموسيقى والفنون الشعبية في دعاء الاستمطار – مثلاً :
ياحنان يامنان
يعلي الزهرة
من علينا بالأمطار
وأين هو الحقد التاريخي من الشيعة على السنة في :
مرحباً يانور عيني
مرحباً جد الحسيني
**
وأزكى الصلاة على أحمد ** خير الورى الممجد
والآل طول سرمد ** وصحبه الميامين ..الخ
واختتام مئات الموشحات الدينية والغزلية بالصلاة والسلام على محمد وآله الأخيار /الأطهار ..الخ
أين هو الغزو الإمامي ، الكهنوتي المجوسي ، والرافضي ، السلالي
عندما تغني طفلاتنا في العابهن الشعبية :
حسين ياحسين
يانادش القعشتين
والقعشتين راوية
أروى من الساقية
أو
عمتي زبيبة
نزله الوادي
تقطف كاذي
لابن الهادي
أو
ياقصب اتقصبي
بجحر من اتقلبي
حاية
باية
بنت عمر " الفساية- "عفواً لهذه المفردات"
أين هو العدوان المبيت منذ الآف السنيين للسنة والشافعية من مناداة "الشركسي " و"الهركلي" ، و"سيدي سافر مكة " و"قولوا لسيدي باعني ورواح ، لو كان خلاني ل" زليك المرواح " في الأهازيج الشعبية النسوية ؟
**
يا بقرة صبي لبن
عبدالله داخل عدن
و"عبدالله " أحد الأولياء
**
وأغنية "يا هزلي " الأهزوجة المشهورة ويقال أنها ليهود اليمن ، ويتغنى بها كل اليمنيين من كل الأجناس والأديان والمذاهب والأعراق ؟
ولا ننسى افتتاحات المرأة اليمنية لصباحاتها أثناء عملها بالزراعة ، حتى بنهز اللبن إلا وتذكر الله والرسول ، وآل البيت ومن والهم ..الخ من مفردات الثقافة الشعبية ، وبالمثل دعاء وأهازيج العمل للرجال..
حُب النبي وآل البيت جزء من هوية كل المسلمين .. فلا تصنفونا وتفرزونا بمسبقات الهوية الدينية المذهبية والتطهير والاجتثات ، لا تغلونا وتضيعون علينا ما تبقى من عمرنا وعمر أجيالنا لتقحمونا بالتنقيب عن : ماذا قال فلان وماذا رد عليه علان ، وننبش في ضمائر الأموات والسلف ليتحول الفرد منا والجماعة الى محاكم تفتيش تتغول وتقتل بدم بارد موقنة أنها تدافع عن الله والدين والرسول والعرض والشرف والأرض ..الخ من مفردات الدمار اليومي ، خصوصاً في هذه الحرب العبثية ..
أخاف من التنقيب الهستيري والدموي ونحن نفتش في جذور الأعراق والنسب والذاكرة ، أن نلاقي أغنية شعبية فيها" ياشركسي" ، لنقطع بثبات إيماني واسطوري إن ثمة مؤامرة امبريالية الشركس لحرف وتجريف عقيدتنا وشرفنا ، وقد حيكت لنا في ليل غامض ، وأن أهازيج الزراعة والبالات :"وأنا عليك صليت يامحمد ،وانوارك هلت يامحمد .. الخ قد قضت على بيضة الإسلام "الحقيقي" أو أن أهازيج شمعة ، ويالاخضري ، و"أهل الرياض يعطروا الدِقامة ، يومين ثلاث وقالوا مع السلامة "، أو "خلي سرح مريكن " مردها مؤمرات لعيال شمعة / أخوتنا اليهود ، وعيال فاطمة و" الخمير الخضر "،و"أحفاد بلال" والإمبريالية الأمريكية والصهيونية وآل سعود الذين يضمرون السوء ويدمرون هويتنا الإسلامية .. الخ من الهلوسات وهذيانات اليبوسة العقلية خصوصاً في هذه الحرب .
**
نحن نرفض الشغل على الهويات المغلقة هويات المذهب والطائفية التي تلعب بها وتستثمرها المليشيات المستقوية بإرث الغلبة ، وقوة السلاح والنهب أكانوا من عيال فاطمة أو عيال عائشة أو عيال صياد ولعينة الملعونة . نحن نرفض فكر الغلبة ، والمشيخة والقبيلة العسرة كبديلة للدولة والقانون والدستور والمواطنة التي تحولنا إلى جعب وبنادق وألات عنف موت ضد بعضنا من أجل مصالح سياسية عصبوية وأول مصالح خلط الدين بالسياسي فيضيع الاثنان معآ لتحل الكارثة كالتي نعيشها اليوم .. نرفض أن تعتسف وتحول الذاكرة اليمانية العفوية إلى فلكلور للدم من خلال تحويل التقاليد الشعبية للمولد النبوية ، وذكرى الغدير ، وعاشورا ، والاحتفاء بالأولياء وو..الخ إلى تظاهرات سياسية قاتلة للتعبئة والتجييش للحرب ، الذي استقوت بها الجماعات المتطرفة من أنصار الله - للأسف – لحصار التراث الشعبي من زامل وأهازيج وصهره وتحويلة إلى جعب متفجرة تمحق البلاد والعباد .. نعم نرفض كل استقواء بالمقدس العنصري لالتهام الدولة الوطنية الجامعة ، والبنك والمدرسة والعقل ، والجامعة ، والأغنية والحكاية الشعبية ، والفنون..
وبالمثل نرفض الجماعات المتطرفة من حزب الإصلاح والسلفيين المتطرفين الذين بالمثل شوهوا الذاكرة الجمعية والحياة الروحية عندما حرموا وجرموا كل فعل إنساني لا يشبههم وحاربوا كل مختلف في الريف والمدينة ، وكانت الكارثة الكبرى :محق الأهازيج والفنون الشعبية والحديثة .. أضروا بالفرد والمجتمع ، والدولة والتاريخ وأول الضحايا : التنوع ، والمرأة الرقم الثري في فسيفساء التنوع .. عندما حولوها إلى سلعة ، كتلة بشرية صماء ريع اقتصاد الدين بالسياسة ، وسيادة اللون الأحادي الكابح للحياة وكرامة المرأة : اللون الأسود ، لون القبر والآخرة ..
للإسلام المُسيس : اتركوا اللعب بوجداننا وتراثنا الروحي فهو ما تبقى لنا يربطنا بالحياة والتعايش بيننا ، يكفينا هذا الجفاف والتصحر الذي دمرنا ودمر الماضي والحاضر والمستقبل ، أتركونا نستعيد حلم الإنسان فينا ألا نكتفي بالموالد والمدائح النبوية والفنون الشعبية تؤثث حياتنا وحدها فقط ، بل وأن ننفتح عن فنون الشعوب الأخرى ، الفنون الحديثة وما بعد الحداثة التي لا نعرف عنها شيئاً .. لا تقحمونا بعقلية الطائفية المليشياوية الحلال والحرام لفكر "وعاظ السلاطين" ومطلقات الحقانية ، والدونية وطهارة المعرفة لما قبل إنسان وماقبل حياة .. يكفي .. !!
قطف خبر :
شن المطر واسقاش يا بلادي
اسقى صنعاء واسقى اليمن كل جربة ووادي
**
#الحرية_للفنون
#لا_لتطييف_وملشنة_التراث_والفنون
#دولة_لاميليشيات_دولة_مدنية
#لاسيدي_ولا_شيخي_سوى_الدولة
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها