التحالف والأمم المتحدة وكشف الأوراق المُبهمة.. !
استقبلت مدينة تعز شهر رمضان الكريم على صفيح ساخن من المعارك، ووقع أزير القصف، ورائحة البارود والدم بشكل مضاعف, القصف لا يتوقف عن المدينة وبصورة جنونية ووحشية، المجازر تتكاثر، والجراح تتوسع، والاُسر تُغادر الحياة أشلاءً بكل أفرادها دفعة واحدة .
لا وجود لضربات طيران التحالف لاستهداف مواقع تمركز المليشيات سوى التحليق والتحليق فقط.. بحيث أصبح على الطيران الاكتفاء بذلك على الأقل في الوقت الحالي لدواع كثيرة .
خطوة الأمم المتحدة في إدراج التحالف في القائمة السوداء لانتهاك الأطفال ومن ثم التراجع بذريعة الضغط, لم تكن لحصر التحالف والسعودية، بل الهدف تجريد وتقليص التحالف من ضرباته الجوية، والضرب لاحقاً بحذر وبدقة وبمعلومات ميدانية بحتة، وليس استخباراتية عشوائية. وهو ما يصب في مصلحة التحالف والشرعية والمدنيين بالدرجة الأولى .
كان بإمكان التحالف توقيف هذا التقرير قبل وصوله للأمم المتحدة, كما أنه باستطاعته إلزامها للتراجع وإغلاق الملف دون خروجه للرأي العام، لكن التحالف سمح بتمريره ونشره.. وفي لحظة كشف الأوراق وجعل تراجع الأمم المتحدة موضع نقاش، ومحل اهتمام كبير أمام الرأي العام، وأصبحت الهيئة الأممية في وضع حرج، وموقف فاضح، الأمر الذي جعل أمينها العام يتناقض في تصريحاته ويتردد في خطواته كي يعمل على لملمة شتات وضعه المُخجل الذي أوقع فيه هيئته واهتزت مكانتها بشكل كبير.
لا أحد يستبعد وجود أخطاء لطيران التحالف بحق مدنيين نتيجة معلومات خاطئة، ولا نبرر ذلك، لكننا نستنكر مواقف وخطوات الأمم المتحدة وتناقضاتها فيما يخص مسألة المدنيين وهرولت لدرج التحالف في القائمة السوداء، مرهوناً بتقرير لمنظمة تعمل لصالح الحوثيين. بينما لم تبد أي موقف إيجابي أو أي ضغط فيما يخص مدينة تعز وحصارها والصراع الدائر فيها وقتل المدنيين منذ عام ونيف من قبل المليشيات الانقلابية علاوة عن الوضع العام المحتقن في البلاد.
نعلم جيداً حجم التقارب والعلاقة الحميمة بين الحوثيين والأمم المتحدة كما أن تلك الهيئة بدأت تفقد مقومات تأثيرها في العالم. لمجرد تناقضها في كثير من القضايا والمواقف، وهو الأمر الذي يجردها من المصداقية ويعريها من ادعاءاتها ومواقفها المتناقضة .
اللعبة الأبرز التي ظهرت أوراقها على السطح بين دول التحالف والأمم المتحدة بدأت مع استئناف العملية السياسية بالبلاد الذي دعا الاخير اليها بداية شهر ابريل الماضي "أي قبل شهرين" في ظل سماح وترحيب التحالف بالتهدئة واعطاء فرصة ووقت كافيين لحل سلمي وفق المرجعيات المتفق عليها .
اقتنصت الأمم المتحدة فرصة الأجواء الإيجابية والتعاطي المرن الذي أبداه التحالف والحكومة الشرعية، ورسمت على ضوئها محاور المشاورات وبنودها وعواملها محتفظاً في ذات الوقت بموقفها من الانقلابيين.. الأمر الذي لاقى تعثراً وتباعداً كبيراً بين الأطراف وأدى إلى إطالة أمدها حتى الآن في ظل إحداث تخلخل في مسألة المرجعيات للمشاورات والتوازن الذي احدثه المبعوث الاممي على الطاولة .
لم تعترض دول التحالف خطوات الامم المتحدة ولم تدخل في الخط بشكل معاكس رغم ادراكها لما يجري ويحدث بصورة متناقضة ومعرفتها المسبقة عن عدم امكانية التوصل لحل توافقي، فتعاملت بايجابية كبيرة وعملت على تذويب جليد التباعد، وحلحلة العوائق والحواجز بين الاطراف، وسهلت كل الامكانات علاوة عن تهيئة الاجواء بصورة مناسبة وحسن نية لما من شأنها قد توصل بالبلاد الى حل سلمي .
للتحالف تحفظاته وأبعاده فيما يخص مهزلة المشاورات التي لم تجدي نفعاً وتتعقد من حين لآخر برعاية الامم المتحدة، بيد ان اطالة امد المشاورات دون التوصل الى حل او احداث تقدم وتقارب في وجهات نظر الاطراف وبقاءه على هذه الوضعية الخصبة يصب في صالح دول التحالف برئاسة السعودية من جهة ومن جهة اخرى لصالح الامم المتحدة .
من جهة عمل التحالف على تضييق الخناق على الامم المتحدة فيما يخص ادعاءات الاخير المتناقضة والتي يخاطب بها تحت مظلة السلام والحوار وكسب الرهان في ظل اطالة امد المشاورات دون جدوى، ومن جهة اخرى عملت الامم المتحدة لاستئناف السلام لإيجاد توازن في مرجعيات المفاوضات، وفشلت في ذلك حتى اعادت الترتيب لتحصين موقعها وموقفها، وفي الوقت ذاته يحافظ على وضعية المشاورات دون السماح بفشلها أياً كانت النتائج الواقعية ذلك حتى تتمكن من سحب بساط الملف اليمني من بين ذراع التحالف، مع ان الأخير يعي ذلك لكنه لم يحزم الموقف ويحسم الأمر. انما يتعامل بتعاطف ممزوج بحذر .
أصبحت اللعبة حالياً تتوسع بصورة واضحة بين دول التحالف برئاسة السعودية وبين الامم المتحدة بأوراق مكشوفة دون ادنى تحفظ، ويتم مواكبة تغطيتها ونقلها للرأي العام .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها