مواطن يرفس مواطن... رئيس يرفس رئيس!!
في داخل رأس كل يمني اثنين يتضاربوا كلّ يوم ومافيش عاقل يفرع. ومن وقت مبكر يشحن الآباء أبنائهم بالخصومة مع الآخر ويمكنوهم: انتبه يزيد عليك ابن عمك... انتبه ابن خالك يطلع أحسن منك... ولا تخليش أحد يجلس مكانك... ومع الوقت كبرنا والآخر بالنسبة إلينا خصم ينبغي إزاحته من الطريق. وفي الشارع، كلّ واحد مرتاب من الثاني، وكلّ واحد يشتي يسبق الثاني، الى أين يسبقه؟ والله ماله علم، المهم يسبقه وعند الله ما يضيع.
لقد تحكّمت تلك الريبة المؤذية بكثير من سلوكيّاتنا اليومية عموماً، وبسببها تسرّبت إلى علاقاتنا الإنسانية ملامح ذكر الشمبانزي. إنّه يخدع ويتآمر ويقتل من أجل الحصول على موقع. وحتّى لما نتحاور، نتحاور بروح ذيّاك الإنسان "الزقوة"، اللي ما يشتيش واحد يزيد عليه حتّى لو هو حمار وبليد. مافيش عاقل يفرع ويقول للناس بأن العيش بهذه الطريقة لايبني مجتمع حتّى ولو من صلصال
في مشاكلنا الدينية والمذهبية، كلّهم يوحدوا الله ورسوله، وكلّ واحد يشتي يكون هو الوكيل الوحيد لله وللجنّة وللنار، وإلّا حرام "ما تنزل طبّة". وفي الوظيفة العامّة، يفكر الواحد كيف يطيِّر بالذي جنبه أكثر ممّا يفكّر كيف يعمل! وفي الإنتخابات، لا نتنافس لتقديم خدمة اجتماعية أفضل وإنّما نتنافس بحافز من "يبطح" الثاني أكثر. وكلّ حزب يصل إلى السلطة يقضي الكثير من الوقت وهو يخطّط كيف يزيح الكلّ من طريقه ،وكلّ رئيس يأتي إلى السلطة يغادرها إمّا بحرب أو باغتيال أو نفي أو إقامة جبرية أو هروب، ومافيش رئيس إلى اليوم روّح بيتهم بسلام.
كلّهم حكايا مليئة بالمؤامرات وبالخيانات وبالتوحّش وبالجنون. وخسرت اليمن في تاريخها المعاصر 11 رئيس. ومع الوقت أصبحت السلطة في اليمن فيلم رعب، وأصبحت مؤسّسة الرئاسة بيت أشباح، ورّث للناس كلّ هذه الكراهية والأحقاد. ولو فتّشت في رأس اليمني الآن، ستجد أن تركيبة المخّ عنده قد أصبحت على شكل علامة استفهام كبيرة، تسألك بحيرة وشجن: مو هوه، مو حصل؟ وتقولوا عتسبر؟ ومع الوقت أصبح إنسان اليمن هو الوحيد اللي لو التقيته في الشارع وسألته: أيش عامل يافلان؟ يقلّك: ولا شي... مراعي للموت. ولا أخبار سارّة في اليمن، ويبدو الأمر كما لو أن اليمنيّين أبرموا اتّفاقاً أزلياً في ما بينهم على تناوب مهمّة تنغيص الحياة على بعضهم بعض، ومافيش عاقل يفرع، ويقول للناس بأن العيش بهذه الطريقة لايبني مجتمع حتّى ولو من صلصال.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها