فرصة لاستعادة الروح !!
يمنحنا الله رمضان "أيام قلبية في الزمن متى أشرفت على الدنيا قال الزمن لأهله: هذه أيام من أنفسكم لا من أيامي ومن طبيعتكم لا من طبيعتي فيقبل العالم كله على حالة نفسية بالغة السمو والارتفاع يتعهد فيها النفس برياضتها على معالي الأمور ومكارم الأخلاق ويفهم الحياة على وجه آخر غير وجهها الكالح ويراها كأنما أجيعت من طعامها اليومي كما جاع هو وكأنما أفرغت من خسائسها وشهواتها كما فرغ هو وكأنما ألزمت معاني التقوى كما ألزمها هو وما أجمل وأبدع أن تظهر الحياة في العالم كله -لو يوما واحدًا- حاملة في يدها السبحة مسبحةً الله فكيف بها على ذلك شهرًا من كل سنة؟" حسب الرافعي يُنصفنا الله في رمضان يُريِنا مانحن عليه من إخفاق ماحجم تخلفنا في الزمن المستقيم ماحجم تخبطنا فينا يأتي رمضان ليحررنا من سراديب الغفلةِ والسُها يخفف عنا وطأة الحمق والطيش وكل ما دنت نهايته زاد سموقنا وعلت الروح الخفيفة في التحليق في السمو الرباني. يطرق رمضان يوما فيطرق القلب يتقدم فتهتزُّ الجوارح من دفق الخفوق رمضان استثناء اخر يُدعُ فينا الروح النبيلة والطهرالحقيقي الانسان الخالص الذكر الدعاء التبتل الصلاة الصلاح الحب السمو سنا الايمان رائحة الجنة وكل ماهو جميل ونبيل يحبه الله والناس هذا العطاء الإلهي الباذخ يجب أن لا يفلت منا في لحظة سهلة هذه الهيئة التي تبدو عليها الروح يجب ان لا تهدر او ان تترك سبيلاً للهدر جلُ الاستقامة الصلاة الزكاة القيام الخشوع العطاء الاخاء الحب الود الحضور الآسر الشفيف كل مايصنعه رمضان يجب ان يبقى النفس لابد ان تمسك الروح لابد ان تسمو الوقت لابد ان يغرس الذهن لابد ان يصفو العاطفة لابد أن تشتب اللسان لابد أن يتلو العمل لابد ان يُخلص القلب لابد أن ينكسر البذل لابد ان يزخر الصوم بكل مايفعله لابد أن يُدامُ ويستدام لا يفرِّط في مكانته العالية الا منحط وعاشق الارض يأبىء الارتقاء لا يُسلم نفسه للعتمة الا مُطفئ بصر وبصيرة رمضان تربية ربانية أنصفنا الله به كثيرا ليس الصوم عمل ادائياً فارغاً وليس رمضان شهراً ذاتياً يتطلب منا عملاً مع الذات والجهد الكبير في السمو لنتفرَّق بعده للعمل ماهو ضدها وجلب كل ماهو مدعاه للسقوط والانبطاح على الارض من أجل هذا لم يجئ رمضان وللنقيض من ذلك فُرض اسرح متأملاً في سر هذا العطاء الإلهي اللامحدود في هذا الشهر الكريم الفريضة بسبعين فريضة والنافلة تعدل فريضة من صام نهاره وقام ليله غفرت ذنوبه في كل ليلة له فيه عتقاء من النار والنار مغلقة والشياطين مصفدة في بدايته عطاء ومغفرة وكل ما اقتربت نهايته زاد العطاء وزاد الفتح والبذل حتى تكون ليلة منه كألف شهر تأتي هذه بعناية قبل سويعات من نهايته تأكيداًِ على اتاحة الفرصة للإقلاع والارتفاع بالروح وعدم العودة الى الأرض لايكتمل العطاء الالهي السابق مع اكتمال رمضان بل يزيد في تكثيف الاجر والغفران فيرى المتأمل أنه في حين كان رمضان فريضة لفعل التربية كانت الست الاخرى من شوال سنةّ لاختبار مافعلته التربية ويكون الاجر على ذالك بوفرة زائدة (من صام رمضان ايمانا واحتسابا والحقها بست من شوال غفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر) وهذا دليل تكثيف الاجر اللامحدود الذي يمتد حتى بعد رمضان اختبار صعب يفرضه الله علينا وبقدر هذه المنحة تأتي حتمية القبول ملتصقة بحتمية الاستدامة وحتمية النجاح لازمة بحتمية الارادة من عاد الى ماقبل رمضان لم يدرك رمضان لو تأملنا في رمضان وهذا العطاء الالهي الباذخ والمنح السماوية المفتوحة لوجدنا انها محاولة للسمو بالنفس والرتقاء بها وبتوفير عام لاجواء الاقلاع والهروب بعيدا عن الذات الطينية الى الروح الزكية المطبعة بفكرة التوبة حسب أحد السلف.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها