الاصلاح في الجنوب أنموذج في التصالح والتسامح
منذ عام 1990م ومنذ نشأته تصالح وتسامح جميع أعضاء التجمع اليمني للإصلاح في بوتقة الفكر الإسلامي والعمل الوطني للجمهورية اليمنية ، فذابت كل خلافات الماضي ، ونفض الجميع من أبناء الجنوب غبار الصراعات الجهوية والمناطقية والفزر المقيت والمقرف والنتن من عقلياتهم وصاروا ينتقلون من رحلة إلى أخرى من أبين إلى يافع ومن حضرموت إلى أبين ، ومن يافع إلى حضرموت ومن ردفان إلى أبين ، ومن المهرة إلى الحبيلين .
ذابت وانصهرت كل العنصريات وآلام الماضي عندما جلس الجميع يتلون كتاب الله من قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ. ) صدق الله العظيم.
فلم يحتاج الاصلاح إلى مهرجانات واحتفالات كي يصهر ويذيب صراعات الماضي بين أعضاءه لأنهم عرفوا حقيقة هذا الدين وحقيقة ما أمرهم به الله عز وجل في القرآن الكريم ، فلم يجدوا صعوبة في فهم معنى التصالح والتسامح ، كما يجدها غيرهم اليوم .
لم يستطع أي حزب يمني في الجنوب أن يعالج جراحات الماضي والآمه مثلما عالجها الإصلاح بين أبناءه وفي كثير من برامجه التربوية والتوعوية ، فظّلت الأحزاب اليمنية ذات المنشأ الجنوب تعاني إلى يومنا هذا من هذه الجراحات ولم تستطع أن تداويها من جذورها كونها لا تملك الوصفة السحرية المعروفة التي وصفها لنا ربنا جل ففي علاه وحبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما عالج عقليات الجاهلية التي تخوض صراعات بمئات السنين .
لم يضيع الإصلاح كحزب سياسي ذات توجه إسلامي وقته في معالجة آثار الصراعات في الجنوب ، فوجد أبناءه المنضويين فيه ضالتهم من العمل الوطني بعيداً عن التقديس الجهوي وتبجيل القادات والسمع والطاعة العمياء ، فوجد أبناء الإصلاح في الجنوب حريتهم في صناعة فكرهم الجديد بعيداً عن الإطار المناطقي والجهوي ، فصنع أبناء الجنوب نموذج اسلامي وقيادات يشار لها بالبنان برجاحة عقلها وسماحة أخلاقها وعمق تعايشها المجتمعي مع أبناء جلدتهم .
فسطّر أبناء الإصلاح في الجنوب أكثر من نظرائهم في الشمال الذين ما زالوا إلى يومنا هذا يعانون من سيطرة القبيلة ونفوذها عليهم ومازال إخواننا الإصلاحيون في الشمال يحاولون الخروج من عباءة القبيلة وسيطرتها على فكرهم وحرياتهم التنظيمية والحركية .
إن أبناء الجنوب الإصلاحيين استطاعوا أن يظهروا نموذج مشرف للعقلية الاسلامية بعيدة عن السيطرة القبلية والجهوية والمناطقية ولم تسمع أي ظاهرة عنصرية أو مناطقية بين أبناء الجنوب أنفسهم ، لقد سبق أبناء الجنوب الاصلاحيين نظراءهم في الشمال في كيفية التخلص من العصبية القبلية والجهوية وأصبح الفكر الوطني المنبثق من رؤية اسلامية تتصدر افكارهم وحركاتهم بين مكونات الشعب في الجنوب والتي يشار لها بالبنان إلى يومنا هذا ، وأصبحت قيادات الإصلاح في الجنوب محل احترام وتقدير واجماع بين كل الأحزاب والتكتلات والمكونات الثورية في الجنوب ، بل أصبحوا مكاناً يلتقي عندهم المتخاصمين والفرقاء السياسيين .
لقد تصالح وتسامح الجنوبيين الإصلاحيين منذ عام 90م بوصفة سحرية لم تأخذ الكثير من الوقت لإذابتها بقدر ما كانت تحتاج إلى روح مخلصة وتوبة صادقة وعقلية وطنية جعلت الإصلاحي في الجنوب اليوم ينظر إلى فعاليات التصالح والتسامح بشيء من الإستغراب والدهشة من مرور 26 عام على هذه الذكرى وابناء الجنوب لم يستطيعوا أن يتصالحوا ويتسامحوا كل هذه الفترة بسبب سيطرة قيادات عقيمة الفكر مشوهة العقل مشكوك في ولائها لوطنها على شريحة كبيرة من أهلها في قراها ومدنها فلم تستطع أن تخرجها من سجون الإقصاء وبحر التوهان وفوضوية الفكر وجهوية العمل الوطني .
إننا كجنوبيين لا نحتاج إلى احتفال سنوي كي نتصالح أو نتسامح على ماضي أليم تجاوزه الكثير من فرقاء العمل السياسي في كثير من بلدان العالم ، وهاهم اليوم يصنعون وطنهم الجديد في مصر وتونس وتركيا بعيداً عن أيدولوجياتهم الفكرية فالوطن اكبر من الأفراد والأحزاب ، ولنعش في تنافس شريف يحفظ للوطن أمنه واستقرار ويحفظ للفرد حقوقه الفكرية والعقدية بعيداً عن الوصاية ، ولنجعل الدم خطاً أحمراً لا يمكن لأي طرف أي يقصي الآخر بلغة السلاح فقد انتهت هذه اللغة إلى غير رجعة ولا نحتاج إلا أن نتعظ منها .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها