كلماتنا أقلامنا الراشدة
كلماتنا سفيرنا المفوض فوق العادة إليكم في عالم تتصارع فيه الأفكار القيمة ونقيضها من الأفكار المادية.. كلماتنا ستظل الأداة الرئيسية لنقل الحقيقة.. إنها الحقيقة نسطرها حتى لو هي جارحة للمشاعر.. أقلامنا حيرها الصدق والموضوعية والصراحة.. تكسر حاجز الصمت برحلات تجوب أطراف المعمورة.. لا تعرف الوقوف عند حد.. أقلامنا سننها الواقعية والدقة والشمول.. كيف لا وهذه كلها مسائل وقيم مرتبطة بديننا الإسلامي الذي بحثنا على الصدق والأمانة وعدم التجريح.. كلها كلمات ولكن!! كلمة وكلمة.. كلماتنا مختلفة عن غيرها من الكلمات لأننا نبحث.. نكشف ما وراء الحدث والأزمة والحالة.. نأتي بالتفاصيل من قلب الحدث فننتقي منه المعلومات.. خبرنا الصحفي هو كل جديد لم يسمع عنه الناس.. كل ما يهم الناس في حياتهم.. كل معلومة جديدة يحتاجها القراء.. تحقيقنا الصحفي فعل ميداني قبل أن يكون نص مكتوب على صفحات الورق.. يتضمن المقابلة والوثائق والأدلة والشواهد والصورة الواقعية لقضية التحقيق.
نكتب ونحن نعلم الأمزجة المتعددة الأفهام لمجتمع تركته من التخلف والجهل والأمية مئات السنين وأربعون عاما من عمر الجمهورية، وغالبية عظمى من اليمنيين يعانون الأمية والجهل والتخلف(ثالوث الإمامة) وعصا الجمهورية، فنسبة الأمية في اليمنيين تجاوزت الـ(5) مليون و(545) ألف نسمة منها(67% إناث) ومعدل الإلمام بالقراءة والكتابة25.9%، وفي ظل انضمام نصف مليون نسمة إلى طابور الأمية سنويا ما يعني أن نصف سكان اليمن في 2015م سيكونون أميين بدرجة امتياز بمعدل56%.
الأمن والأمان الذي نبحث عنه بديله الخوف والقتل والاختطاف والرقة، فمعدل الجريمة في اليمن خلال2009م بلغ(1407) جرائم.. نكتب لأن مشكلة البطالة في اليمن تمثل52.9% وارتفاع الأسعار لكافة السلع الغذائية في تزايد مستمر، فالكيس السكر الذي كان سعره(5000) ريال بلغ سعره اليوم(10800) ريال ونسبة الفقر في اليمن80% ونسبة الجائعين 30%.. نكتب لنغير مفاهيم المجتمع الخاطئة وإحلال المفاهيم الإيجابية بديلا عنها كاحترام الرأي والرأي الآخر واحترام القدرات والمواهب وكيفية الحصول على فرص التأهيل والعمل من خلال الاستحقاق الموضوعي بعيدا عن الوساطات والمحسوبية والرشاوى.. نكتب لأن المجتمع اليمني يعاني مشكلات عدة أثرا على حالته النفسية والاجتماعية والعاطفية بحسب سياسات الحكومة الخاطئة والتي بموجبها تماسك الأسرة ونظامها وأخلاقها.. فكم هي الأسر التي تعيش جفاء المشاعر وعدم الاستقرار النفسي والفراغ السلبي الذي تتركه المشاكل الاقتصادية على الأسرة، فالأب بين كدح الأعمال الشاقة أو موظف لا يكفيه راتبه لشراء الاحتياجات الأساسية..فكيف حاله إذا أصابه مرض طارئ لا قدر الله، أو مغترب بتجرع مرارة الغربة والبعد عن زوجته وأولاده طلبا للمال ليلبي الاحتياجات المادية لأسرته.. وبين فراغ تركه لزوجه.. تتجرع ألم فراق زوجها وهم معالجة مشاكل الأبناء النفسية والعاطفية.
أكتب لأن قلمي النازف أبى السكوت على حال مجتمع محتمل الانفجار بقنابل موقوتة.. أكتب لتظل كلماتنا راسخة واضحة الصورة في متحف الإنسانية.. ولأن القلم والكلمات بديلنا الحضاري والواقعي.. مثلما كانت السهام والسيوف القديمة حل واقعي حضاري تأريخي لمعطيات الحضارة القديمة.
تلك قمة سامقة من قمم العدل والحرية أن نطلق العنان للكلمة.. أن يقول كل إنسان ما يريد قوله.. أن يصرح كل مظلوم بمظلمته.. أن ينادي كل مغبون بأعلى صوته.. أن ينطق كل من كان لا ينطق.. أن يتاح لكل إنسان في أمة من الأمم أو شعب من الشعوب.. أن يقول ما يشاء لأنها أمة لا يمكن لأية قوة في الأرض أن تهزمها.. لأن كل فرد فيها يعيش بتوحده الوجداني والفكري بين الباطن والظاهر.. ويوم تحبس الكلمات في الصدور يتاح لها الانطلاق لإحقاق حق أو إشاعة عدل في أمة من الأمم فإنها أمة ستهزم بالضربة الأولى.. لأن الكلمات قد حبست في الصدور ولا يتاح لها الانطلاق قد بدأت تحفر وتهدم في كل إنسان فكره وضميره ووجدانه.. وسرعان ما يصيبه التمزق والازدواج ليشمل الحقيقة كيان الأمة كلها فكرا وضميرا ووجدانا، فما أروع عمر ابن الخطاب وهو يعبر عن هذه الحقيقة بوضوح(إنما هلك من كان قبلنا بحبسهم الحق حتى يشترى منهم) وما أروع عمر وهو يدفع الناس دفعا إلى الصراخ وإلى إخراج كلماتهم الجياشة إلى النداء بكل ما يجيش بعالمهم الباطني.. إلى تحديد مواقفهم بوضوح إزاء سياسة الخليفة وبرامجه.. إلى أي انحراف يمكن أن يبدوا منه عن قيم الحق والعدل.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها