الهروب من الحزبية
شيطنة الأحزاب والحزبية مفهوم خاطئ وضد المصلحة الوطنية وهي محاولة قديمة جداً منذ مقولة أن الحزبية كفر أو أنها عمامة تستظل تحتها الشياطين, هذا الكلام ربما كان مساغاً في الستينيات والسبعينيات حيث الحكم الشمولي والزعيم الفرد وغياب الشعب ..أما اليوم فلا ينبغي أن يكون التعدد الحزبي محل خلاف او انتقاص لأن الحزبية الرشيدة خلاصة الثورات والتضحيات والآلية السياسية التي توصلت إليها أرقى دول العالم لحل مشكلة الحكم التي تعتبر معضلة العرب التي كسرت رقابهم ونهبت أرزاقهم وخربت بيوتهم وحولت حياتهم إلى جحيم وحروب من اجل كرسي الحكم الذي تحول إلى لعنة للعرب.
وجاءت الثورات لتتخلص من هذه اللعنة وتأسيس نظام حكم ديمقراطي السيادة فيه للشعب عن طريق قواعد واضحة تؤسس للدولة المدنية والحكم الرشيد وأهمها الديمقراطية والانتخابات والتبادل السلمي وبالطبع لا ديمقراطية بلا أحزاب ولا تبادل سلمي بلا احزاب ولا انتخابات حية بلا أحزاب ولا رقابة بلا أحزاب.. الحزبية هي الأداة الشعبية والمتحضرة للدولة المدنية والتبادل السلمي وتأسيس المؤسسات والعمل التنافسي ... علينا أن نعي جيداً أن الحزبية مطلب كل الشعوب الحرة ولا بديل لها إلا الشمولية والخراب وليس المطلوب أبداً تسفيه الحزبية والانتقاص من الأحزاب التي يمارس بها الشعب سيادته.. المطلوب والواجب الوطني هو ترشيد التجربة الحزبية ورعايتها لا إقصاؤها أو التقليل من شأنها أو البحث عن بدائل للنظام الحزبي، لأن شيئاً من هذا جهل وخلق أدوات متخلفة تعيد الماضي الاستبدادي وصور الاستحواذ الذي يحاول بناء نفوذ شخصي وجهوي يعمل لاسترقاق الشعب وبناء قوى نافذةوشخصيات طاغية موزعة في المناطق تتقوى ببعضها خارج القانون وتعيدنا إلى ما قبل التاريخ وتثير قلاقل ومعركة على الحرية والحياة الكريمة..
وهذا أسلوب الانظمة القديمة التي اشتغلت بتفتيت الأحزاب وتفريغ الحزبية من مضمونها وإحياء قوى عشوائية تصلح كأدوات لأمجاد السرابات الشخصية على حساب الشعب وتفريخ للمرتزقة وقطاع الطرق ... الأحزاب والحزبية ليس ملكاً لأحد، هي نظام سياسي يعمل لصالح المجتمع وهو ضرورة وطنية وحمايته وتطويره واجب الجميع الذين عليهم ان يدركوا أن الهروب من الحزبية هروب إلى الماضي وإضرار بالمصلحة والاستقرار الوطني، هذا مفهوم يجب أن لا نختلف عليه..
علينا أن نسعى جميعاً لترشيد وإصلاح الخلل في المنظومة الحزبية بدلاً من الهروب الأعمى من الواقع إلى سحيق الماضي وإشعال حرائق لاتنطفئ في جنبات الوطن.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها