بوادر انفراجة في اليمن
تتسارع الأحداث في اليمن بصورة داهشة ودراماتيكية .. هل كان تعيين الجنرال علي محسن مؤشر حرب أم سلم ؟ وقبلها هل خطابات صالح الأخيرة مؤشر ضعف أم قوة أم إعلان نفسه الطرف الأقوى؟ هل لتوافق الأمريكان والروس على فرض الهدنة في سوريا أثر على الوضع في اليمن؟ وهل لفوز الإصلاحيين والمعتدلين في إيران أي أثر؟ وهل لقرار الاتحاد الأوروبي (غير الملزم) بعدم بيع السلاح للسعودية أثر ما ؟ وهل للضغط الدولي والإعلامي والحقوقي ضدا على المملكة أثره أيضا؟ هل لتفكك الجبهات الداخلية المحاربة وتفكك دول التحالف أيضا أثره؟ والأهم وقبل ذلك وبعده العجز عن حسم عسكري، وتبدل المزاج ضدا على الحرب؛ فكلها تصب في مجرى الانفراجة القادمة.
الالتقاء على الأطراف بين قبائل يمنية وسعودية وهما قبيلة واحدة مقسمة وبين وفد من أنصار الله وممثلين عن الحكومة السعودية حسب وكالات الأنباء مؤشر مهم، ولكن أما كان الأولى أن يتزامن ذلك مع تصالح داخلي؟
أما ما كان من الأولى فك الحصار عن تعز، وإطلاق سراح المعتقلين والمخفيين قسريا، وإيقاف القتال ولو من طرف واحد (من قبل المعتدي طبعا)؟؟؟
أما كان من الأفضل عدم اتخاذ الأمر طابع التسابق بين طرفي الحرب صالح وأنصار الله؟ وهل شعر أنصار الله بأن تعيين الجنرال محسن هو بمثابة فتح الباب أمام مصالحه قادمة بين رمزي الحروب: صالح ومحسن؛ وهو ما يعني الولوج للبوابة السعودية .
تعيين محسن حمل دلالتين أو احتمالين: إما تسعير الحرب أو التصالح، وربما قرأ أنصار الله الرسالة بشكل مغاير ومختلف؛ فصالح ومحسن رغم صراعاتهما المريرة يمكن لهما الالتقاء على أرضية التوافق من جديد على الاقتسام لصالح على محسن وبرعاية الأخ الأكبر السعودية . وفي هذه الحالة تعود الأمور إلى وضع ما قبل الحادي عشر من فبراير عام 2011، وسيكون أنصار الله هم الخاسر الأكبر.
لا شك أن التسابق بين صالح وأنصار الله يقلل من خسائرهما ولكن كل طرف منهما يريد أن يتجنب (قَدَر) الضحية المضمرة في السباق.(وإن الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض)( ص:24) .
الفاجع حقا أن يتسابقا للتصالح مع الجوار غير مبالين أو مهتمين بالتصالح مع النفس أي بينهما كشريكي حرب ثم بينهما وشعبهما الذي تشاركا في الحرب عليه، وكانت الحرب المبرر والأساس في إعلان التحالف العشري ضدهما .
الحروب اليمنية جلها في عصرنا الراهن حروب عريانة مجردة من القيم والأخلاق والقضايا الحقيقية، وهي المسئولة أولا وأخيرا عن التدخل والعدوان الخارجي، فهي تغدر بشعبها ثم تمكر بنفسها .(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين). (الأنفال: 30).
كلاهما صالح والحوثي جرما دعوات التصالح، كلاهما رفض فك الحصار عن تعز ووقف الحرب ضد الجنوب وضد مدن الشمال، وأصرا بعناد على إشعال نار الحرب في اليمن كلها واستهانا بالرأي العام الدولي، ولم يقرأا قوة التحالف، وراهنا على إيران التي استخدمتهما ورقة تكتيكية لحربها في سوريا.. الجميع في هذه الحروب الكريهة خاسر كعرب وكمسلمين والكاسب الحقيقي إسرائيل ومصانع السلاح .
هل فات الوقت على الاعتذار للجنوب ووقف دعم الإرهاب فيه أو الأجنحة المسلحة الخارجة على الشرعية؟
هل فات الأوان على فك الحصار عن تعز ووقف الحرب في كل جبهات القتال هل فات الوقت للاعتراف بالشرعية والالتزام بالقرارات الدولية وبالأخص :22016.
هل فات الوقت أمام مد اليد إلى التجمع اليمني للإصلاح الذي عانى الويلات من هذه الحرب التي هو طرف أصيل فيها طبعا، وإطلاق معتقليه وكل المعتقلين وبالأخص القادة العسكريين الجنوبيين ومعتقلي ومختطفي الصحفيين والمواطنين الأبرياء؟
أما آن الأوان للاعتراف بجرائم الحرب ابتداء من الحرب الإجرامية ضد الجنوب في عام 1994 و2015 ، وإدانة الوحدة بالقوة لنشجع مد يد السلم إلى جوارنا ولكن أيضا لكي نكون صادقين لا بد وأن نعطيه لأنفسنا؟
إطلاق الحريات العامة والديمقراطية والحريات الصحفية واحترام حقوق الإنسان والدعوة لمصالحة وطنية ومجتمعية شاملة، والشروع في خطوات عملية لإيقاف الحرب على اليمن، وفلك الحصار وعدم العبث بأمن الجنوب، والاعتراف قولا وفعلا بالشرعية، وبالعودة لمخرجات الحوار وللتسوية السلمية والنزول على مشروع الدستور وقبل ذلك وبعده الاعتراف بكل جرائم الحروب، وبالأخص ضد الجنوب لأنها أساس كل هذه الحروب التي طالت اليمن كلها.
تظل الحرب ودعاة الحرب أساس ومصدر كل تدمير وتمزيق ولم تدمر الحضارة اليمنية والعربية إلا بالحروب وتجارها وما أكثرهم في اليمن ودعاواهم الطويلة العريضة عن حماية الدين أو الوحدة زائفة وقد فند حكيم العرب أبو العلاء المعري دعاوى اليمنيين التكسب بالدين منذ زمن بعيد .
إن انخراط الإسلام السياسي في اليمن سنيا كان أم شيعيا منذ حرب 94 وما بعدها ووصولا إلى حرب صالح والحوثي ضدا على الجنوب كلها تؤكد خطر توظيف الدين في السياسة لخدمة الفتن والحروب والطغيان ولا خلاص إلا بتنزيه الدين واحترامه، والتوافق على حكم مدني أساسه القبول بالشرعية، واحترام مخرجات الحوار مشروع الدستور الجديد.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها