أمريكا .. بين مكارثية مضت وترامبيةآتية.
شهدت أمريكا في خمسينيات القرن المنصرم موجة توجية اتهامات شملت الكثير من رجال السياسية والصحافة وحتى علماء الفيزياء عرفت بالمكارثية نسبة الى جوزيف مكارثي عضو مجلس الشيوخ وسجن العديد وسرح آلاف من وظائفهم على خلفية اتهامهم بالشيوعية في بدايات الحملة لاقت رواجا لها من الرأي العام المدفوع بالخوف من انتشار مازعم انه جيش من الشيوعيين والجواسيس الذين يهدفون الى تدمير أمريكا والقضاء على المسيحية غير ان تلك الموجة انحسرت وتم توجيه اللوم الى جوزيف مكارثي باعتبار اتهاماته لا أساس أو دليل لها .
اليوم التاريخ يعيد نفسه إذا ما قدر للمرشح ديفيد ترامب الوصول الى سدة الحكم بعد اشهر وما تحظى به طروحاته المتزمته والمغالية بالتشدد والتحريض ضد المسلمين عامة ومن يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية وتحميلهم كل شرور الكون ورغبته المعلنة بطردهم من أمريكا حال نجاحه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية ..
غير ممكن قطع تلك الأطروحات المتطرفة عن سياق ماهو جار في العالم من بروز لموجة تطرف عالمية تجتاح الدول لا تنحصر على مجتمع أو دولة أو دين بعينة لم تظهر دفعة واحدة ولكنها أخذت تتوسع بفعل عوامل عدة ابرزها تلاشي توازن القوى الدولية واستحواذ وسيطرة القطب الأوحد بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وتحكم أمريكا المنفرد بدفة قيادة العالم وحينها طفت على السطح نظرية صامويل هنتجتون حول العدو الافتراضي لأمريكا بما يعرف بصراع الحضارات ببعديه الثقافي والديني وتلى ذلك نظرية فوكوياما عن نهاية التاريخ ترافق مع ذلك تأثير متعاظم للمحافظين الجدد والذي يمثل ترامب امتداد طبيعي لهم .
لا يقتصر الأمر على أمريكا فقط بل يتعداه الى رواج أسهم التيارات المحافظة والأكثر تشددا في عديد من الدول كفرنسا مثلا وما تحصده الجبهة الوطنية الفرنسية بزعامة ماري لوبان من أصوات تزيد في كل جولة انتخابية عما يسبقها .
السؤال الذي يفرض نفسه إذا كانت أمريكا قد استطاعت تجاوز موجة المكارثية فهل ستقدر على تلافي موجة الترامبية قبل قدومها أم ان سدة الحكم تتهيأ له ليطال أذاها العالم وليس أمريكا فقط ؟! .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها