السبت 29 ديسمبر 2012 09:23 مساءً
مثلث برمودا اليمن
في اعتقادي أن معضلة الدولة المدنية في اليمن لا تكمن في عدد محدود من شخصيات قيادية عليا في حزب المؤتمر وحزب الإصلاح وإنما حقيقة المعضلة تكمن في التخلف الثقافي بين دولة العائلة والقبيلة والعسكر وأهل النفوذ وعلماء الكهنوت وهي منظومة حُكم ونفوذ قائمة حالياً في اليمن وبين الدولة المدنية المنشودة.
نعم والله القضية لا تكمن فقط في فساد بعض القيادات الحزبية في المؤتمر الشعبي أو في حزب الإصلاح إنما القضية هي قضية ثقافة متخلفة أكتسبها ابناء الشعب اليمني وخصوصا في شمال الشمال من ابناء اليمن .. ألم نسمع ما تجادل به مؤخراً شيخ مشايخ اليمن صادق الأحمر مع الحوثيين في عيدهم عيد الغدير وهم يدعون أحقيتهم وأولويتهم في حكم اليمن لأنهم من (الباطنيين) بينما يرى شيخ مشايخ اليمن بأنهم هم وحدهم أحق وأولى بحُكم اليمن لأنهم من بيت قحطان ومن نسل الأنصار كما قالها شيخهم الأكبر صادق الأحمر.. ومن منطقهم هذا فإنه لا طاعة عليهم للرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي إلاَ من باب التقية.. فمن أين لنا بدولة مدنية بهذه الثقافة والهيمنة والتسلُط ؟
تلك هي المصيبة المعشعشة في عقولهم وإنها والله ثقافة متأصلة ومتجذرة في عقول هؤلاء اللذين يشكلون منظومة حُكم عائلي عسكري قبلي وكهنوتي فاسد لا يعرف النظام ولا يعترف بالمؤسسات ولا بالقانون.. بالغ في ظُلم الشعب وتمادى في هيمنته على كرامة الشعب وحريته. في ثقافتهم هم السادة والمشايخ والملوك وما سواهم من شعب اليمن ليسوا إلاَ لغالغة وبراغلة وعبيد – حسب تعبيرهم - يحق لهم قتلهم وسجنهم وتشريدهم من بيوتهم ونهب أموالهم ومقدراتهم وثرواتهم براً وبحراً وعلى كل المستويات حتى أوصلوا الشعب إلى أدنى مستويات الإنسانية فقراً وجهلاً وآدمية.. هولاء هم اللذين نراهم اليوم في مواجهة قد تكون دامية سببها الرئيسي هو (التوريث) وهو في ثقافتهم أمر جلل يستدعي الاستنفار والقتال ولو بالأظافر والأسنان حتى آخر رمق لأنهم لا يؤمنون بانتخابات نزيهة ولا يؤمنون بإرادة الشعب ولا بحرية الشعب في اختيار حُكامه لأنهم هم وحدهم أولى بحكم اليمن وهم أحق بحُكم اليمن لأنهم من بيت قحطان ومن نسل الأنصار أو كما قالها شيخهم الأكبر صادق الأحمر.
الشيخ فيهم يولد شيخاً متسلطاً على رقاب الناس مثل نمرود الذي قال "أنا أُحيي وأُميت".
والعسكري فيهم يولد جنرالاً بالزي العسكري والراتب العالي والبدلات والمزايا والهدايا وهو لا يكاد يقوى على حمل البزازة.
وعالم الدين فيهم مميز باللحية ذات الصبغة الحمراء كحمرة الدماء التي أفتى بسفكها بحفنة من المال وشيء من المصالح.
والتاجر فيهم يولد تاجراً وله مئات من الشركات معفية من الضرائب والجمارك والوكالات والجبايات وكل ما يلزم لكي يكون تاجرا.
سلوا عنهم خيرات وادي تهامة وكيف ابتلعوها وسلوا عنهم روابي تعز وكيف تقاسموها وسلوا عنهم مروج إب وكيف استباحوها وسلوا عنهم ثروات الجنوب وكيف نهبوها براً وبحراً .. سلوا عنهم (13 مليار ريال) ينهبوها من مال الناس ومليارات أُخرى تأتيهم من دولة الجوار يبيعون بها ذمماً وأوطان.. سلوا عنهم اصحاب الإتاوات والجبايات المظلومين قهراً والمسجونين ظُلماً في سجون المشايخ الخاصة بهم سلوا عنهم المطرودين من بيوتهم وقُراهم بدون عيش ولا كرامة وما الجعاشنة عنا ببعيد.
تلك هي المنظومة الفاسدة من العائلة والمشايخ والعسكر والمتنفذون وعلماء الكهنوت ذلك هو الفيروس الذي يدمر خلايا المجتمع ذلك هو السرطان الذي ينخر في جسم المجتمع فيشل حركته فلا اقتصاد ولا بناء ولا تطور ولا عيش ولا كرامة.
تلك هي المنظومة الفاسدة من العائلة والمشايخ والعسكر وميليشياتهم والمتنفذون وعلماء الكهنوت اللذين يقفون بزهو العابث الجاهل على رأس أحزاب سياسية ليس فيها شيء جميل غير اسمائها.. هؤلاء الطغاة البغاة مدعوون اليوم للمشاركة في حوار وطني من أجل رسم مستقبل اليمن !! .. واعجباه .. واعجباه عندما تتحدث العائلة الحمراء ومن لف لفها عن الحُكم المدني والنظام الديمقراطي ودولة المؤسسات والنظام والقانون وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية وهم من اختبرناهم في حُكم اليمن عقود طويلة أبعد ما يكونون عن الدولة المدنية في عقلياتهم وفي ثقافاتهم وسلوكياتهم وممارساتهم .... فكيف لهم أن يرسموا ملامحها أو يتقبلوها ؟
في اعتقادي الجازم أن التحول الديمقراطي والحُكم المدني ودولة النظام والقانون وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية التي يحلم بها الشعب اليمني شبابه ومثقفيه وعماله والبسطاء من الناس لا يمكن أن تتحقق في اليمن بقبول ورضا وتوافق تلك المنظومة الحاكمة من العسكر والمشايخ وعلماء الكهنوت لأنها تتعارض بالمطلق ليس مع مصالحهم فقط وإنما أيضاً تتعارض مع بقائهم ووجودهم كثقافة فاسدة وسامة ومدمرة في المجتمع اليمني.
أملنا الوحيد في شباب اليمن ومثقفيه وأهل الرأي والمنظمات الحقوقية والمجتمع المدني ورجاله الأوفياء ، أملنا في تجديد ثورة الشباب واستمرارها وتطويرها..
ولكي تؤتي الثورة أكلها ونجني ثمارها ولكي تعود بالخير على جميع فئات الشعب اليمني يجب ان تكون ثوره طاهره خاليه من الفاسدين ثوره بدايتها صحيحه لايشوبها شائب فلاتقبل بين صفوفها من تلوثت يداهاه يوما بدماء اليمنيين ولاتقبل بين صفوفها من اكل يوما خيرات اليمن واليمنيين ولاتقبل بين صفوفها من اساء يوما لليمن واليمنيين ثورة لاتقبل في صفوفها من فرط بتراب اليمن وباع اراضيه لدول الجوار ثورة لاتقبل في صفوفها عميل لآل سعود او للخميني ثوره لاتقبل في صفوفها أحمري اكرر ثورة لاتقبل في صفوفها أحمري وحتى تكون نتائجها مضمونه علينا أن نعمل الآتي:
أولا - أن نبدأ بأنفسنا ونتحرر من التبعية العائلية ونعلن انسحابنا جماعياً ونهائياً من الأحزاب العائلية حزب المؤتمر والإصلاح.
ثانياً – أن نعلن رفضنا القاطع المشاركة في حوار اذا ماشارك فيه من اراق يوما دماء اليمنيين او نهب ثرواتهم واكل خيراتهم اذ انه ليس من العدل ان من نهبوا ثروات البلد وخيراته بالامس القريب هم انفسهم من يرسمون ملامح مستقبل اليمن الجديد واذا ماشارك هؤلاء في الحوار فانه بكل تأكيد سوف يكون حوارا عقيم هدفه احتواء ثورة الشباب والقضاء عليها كما قُضي على ثورة 1962.
ثالثاً – أن يتم تنظيف البلاد من مليشيات القبائل المسلحة وتشريع إلغائها نهائياً وتجريم من يرعاها والقائمين عليها.
رابعاً – أن نجدد الثورة ونطورها نحو هدف واحد صريح وواضح وهو التغيير الشامل نحو دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية لا مركزية مستبدة نحو دولة النظام والقانون وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.. لا مجال فيها لثقافة العائلة والعسكر والمشايخ وميليشياتهم والمتنفذون وعلماء المصالح.
فهل نبدأ بداية حقيقة ونقسم على ذلك في جمعتنا القادمة (جمعة دولة مدنية .. لا عائلية ولا عسكرية ولا قبلية).
قولوا بسم الله.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها