أنموذج لانحطاط أخلاقي!
وصل الانحطاط الأخلاقي عند جماعة الحوثي في اليمن إلى مستوى لم تصل إليه جماعة مسلحة في التأريخ؛ ولا أظن أن جماعة وإن كانت الأخيرة زمانها ستأتي مستقبلا بما جاءت به جماعة الحوثي من انحطاط شامل!
بدعوى الانضباط الوظيفي في أجهزة الدولة قامت القيادات الحوثية الأيام الماضية بتشكيل لجان داخل المؤسسات الرسمية؛ وابتزاز الموظفين في رواتبهم ومصدر عيشهم الوحيد في هذا الظرف الصعب؛ وبطريقة تفتقر لأي أخلاق!
ومؤخرا شكلت جماعة الحوثي لجنة في إحدى الوزارات؛ وطلبت حضور الموظفين لاستلام رواتبهم رغم أنهم يستلمون مرتباتهم عبر بنك تجاري منذ سنوات؛ وحضر الموظفين المتواجدين في أمانة العاصمة بحكم قربهم وآخرين لم يتمكنوا من الحضور لأسباب مختلفة؛ فوجدت اللجنة الحوثية ضالتها في ذلك وأوقفت مرتباتهم كمقدمة لمصادرتها ونهبها بدون حياء أو أدنى ضمير!
ومن ضمن المرتبات الموقوفة مرتب موظفة نزحت قبل شهور من أمانة العاصمة إثر تضرر منزلها المجاور لأحد معسكرات الجيش في منطقة "سعوان" نتيجة قصف صاروخي؛ ونزحت هذه الموظفة إلى مسقط رأسها بمحافظة تعز التي تشهد الآن معارك طاحنة؛ والموظفة حاملة في شهرها التاسع؛ ورغم الأدلة والاثباتات والشهود من زملاء العمل وإفادة المدير المختص إلا أنها لم تشفع لهذه الموظفة أمام اللجنة الحوثية لصرف مرتبها البسيط؛ وأصرت اللجنة الحوثية على أن تأتي الموظفة شخصيا لاستلام مرتبها يدا بيد؛ وقال المسؤول الحوثي في تلك الوزارة وبنبرة هنجمة: "جاءوا من داخل القاهرة يستلموا رواتبهم مش إلا من تعز؛ هذه توجيهات رئاسة الوزراء"؛ وفشلت كل المحاولات؛ ربما أنهم علموا مسبقا أن الجنين داعشي؛ وتم توقيف مرتب الموظفة ظلما وعدوانا وقطع مصدر عيشها وعيش أطفالها من أجل أن يتسنى لهم مصادرته لاحقا!
لقد داسوا بأحذيتهم على حقوق المرأة؛ ولم يراعوا أنها حامل في الشهر الأخير والتقارير الطبية تؤكد ذلك؛ ولم يراعوا أن الموظفة نازحة الآن في تعز وطلوعها إلى صنعاء في هذا الظرف فيه خطورة صحية وصعوبة؛ وسيكلفها مبلغا ماليا أكثر من مرتبها الذي ستستلمه؛ ولم يراعوا أيضا أن عودتها إلى العاصمة فيها مخاطرة كون سكنها جوار منشأة عسكرية قد يعرض حياتها للموت في ظل القصف المتواصل لقوات التحالف؛ والبحث عن منزل جديد حاليا عملية شاقة ومكلفة والظرف لا يسمح بذلك؛ ناهيك أن العمل شبه متوقف في إدارتها وغالبية الموظفين جالسين بلا عمل بسبب الوضع العام الذي جمد مهام الوزارة تماما ولا داعي لحضورها أصلا؛ وغيرها من المبررات الانسانية كانت كفيلة بصرف مرتب هذه الموظفة التي لديها ٣ بنات وزوجها كان يعمل سائقا في شركة وتم الاستغناء عنه بسبب الأزمة؛ لكن أنصار اللطش رفضوا؛ وكأنهم بهذا التوقيف قد نصروا الإسلام والمسلمين ودمروا أمريكا وإسرائيل؛ فهل بعد هذا السقوط الأخلاقي من سقوط يا عبدالملك الحوثي?!
جماعة الحوثي أنشأت أسواقا سوداء لكل شيئ في اليمن؛ وحتى مرتبات الموظفين الغلابى الذين رفع الحوثي راية تحسين أوضاعهم والانتصار لهم في نكبة ٢١ سبتمبر لم تسلم من مسيرة الفيد والنهب؛ وتعرضت ولا زالت رواتب الموظفين في جهاز الدولة لعمليات قرصنة؛ وأصبح لدينا سوقا سوداء تجارها قيادات حوثية وضحاياها الموظفين؛ وكأن قيادة جماعة الحوثي وزعت عناصرها في قطاعات مختلفة للتكسب الغير المشروع؛ وتبقى لها مجموعة من أنصارها لم تجد لها مجالا لذلك فأسندت إليها قطاع الموظفين الرسميين لممارسة الابتزاز والنهب والمتاجرة بالرواتب!
لقد صمتت جماعة الحوثي عن ملفات فساد في جهاز الدولة بمليارات الريالات بمبرر أن البلاد تمر بحالة حرب ولا مجال للمحاسبة بحسب تصريحات منشورة لقيادي حوثي؛ وفي الوقت نفسه يلاحقون موظفا بسيطا لا يتجاوز مرتبه الشهري مائتين دولار؛ وهذا بحد ذاته سقوطا أخلاقيا ذريعا؛ فكيف سكتوا عن كبار الفاسدين الموالين لهم ويلاحقون الضعفاء في لقمة عيشهم?
نهبوا رواتب موظفين كثر خلال الفترة الماضية بدعاوى مختلفة؛ فهذا قالوا إنه مسافر في الرياض وهو في الحقيقة في عدن؛ وهذا داعشي كبير وهو شخص عادي فقط معارض لسلطة الانقلاب؛ وآخر أوقفوا راتبه رغم أن المؤسسة التي يعمل فيها مهدمة ولا دوام فيها وبعد وساطات خصموا عشرة ألف ريال من راتبه لصالح اللجنة الثورية الخاصة بتلك المؤسسة؛ ولم يراعوا أوضاع الناس في هذه المرحلة الحساسة وخصوصا النازحين الهاربين من نار الحرب والمعارضين السياسيين المهددين بالاعتقالات والتعذيب؛ وبغباء شديد استعدوا قطاعا عريضا من المواطنيين اليمنيين وهم الموظفين بعد أن جردوهم من كل المستحقات والإكراميات والبدلات والمكافآت التي يعتمدون عليها في معيشتهم؛ ووصلوا إلى حد الرواتب التي لا تسمن ولا تغني من جوع في سياسة خرقاء تعرض أسر كثيرة للكارثة الانسانية؛ والمثل الشعبي يقول: "قطع الرأس ولا قطع المعاش"!
ثمة موظفين نازحين بسبب ظروف الحرب؛ ويفترض أن يتم مراعاة وضعهم كجانب انساني بحت؛ والعجيب أن جماعة الحوثي كانت تشكو أثناء حروب صعدة الستة من مضايقة نظام المخلوع علي عبدالله صالح لأتباعها في مرتباتهم الوظيفية؛ واليوم تمارس نفس السياسة بل وبصورة أقذر!
أساءوا لأنفسهم ولليمن واليمنيين وللإسلام والمسلمين بتصرفاتهم الحمقى التي لا حصر لها؛ ودمروا سمعتهم وسمعة جماعتهم خلال وقت قياسي؛ وسيأتي اليوم الذي ينتصر فيه المظلومين في أنحاء اليمن قريبا إن شاء الله.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها