شكراً فرقة خليج عدن !!
كيف امنع نفسي عن البوح باعجابي الشديد بهم، فلطالما كنت انتظر اليوم الذي الملم فيه همومي وضجري و اخبئهم لأيام عدة، واستمتع بعرض لقطات و مشاهد تضحكني و تبكيني و تاخذني على غفلة مني الى الوراء ، الى سنوات جميلة مضت كانت بها عدن تلمع كلمعان لاسفيجاس عندما تخلوا البيوت من اهلها متوجهين الى المسرح العدني الراقي حيث تعرض قضاياهم بطابع مضحك مبكي ، يسخرون و نسخر معهم من كل ما يضايقنا و يثقل كاهلنا .
اولى خطواتهم كانت عائلة دوت كوم توالت بعدها العروض المسرحية الناجحة حتى لمسنا نضجهم في "معك نازل ".. الى ان قررت الفرقة في عام 2010م ان ترفع بكل شجاعة كرتها الاحمر في وجه كل من ظلم و دمر و جهل و كذب و سرق و خان ..عمل مثقف واعي يحترم عقل المتفرج و لا يسخر منه بفلتات او مفردات بذيئة ،عمل قاموا فيه بخلع عباءة المتسترين و تحطيم قناع الكاذبين و تسليط الضوء على الطفولة المنتهكة و غيرها من القضايا التي يخشى الكثير تفجيرها على مسرح او يعرضها بذلك الابداع التي منحنا الثقة بأنفسنا و بفنانينا و مبدعينا من شبابنا .
توقف العروض المسرحية في عدن منذ ما يقارب العقدين تقريباً كانت له وقعة مؤلمة علينا ، و مروراً بكل تلك السنوات الكئيبة حاولنا التعويض بمسرحيات عربية ترضينا بعضها و نبلع الاخرى ببطاطس مقلية و مشروب غازي يحلي لنا ساعات المشاهده .. اتذكرهم عندما كانوا يدردشون مع بعضهم امام البيت لفترة طويلة في حافة حسين و اتذكر لمعة عيني احدهما عندما قال بصوت منخفض " نحن نفكر ان نعرض مسرحية " كانت جرأة منهم ان يفكروا في ظل تلك الاوضاع السيئة التي تحيط بالثقافة و المسرح العدني و التي لا تخفى على احد ، فلا منتج سيخاطر بدفع اموال الى شباب ليس لديهم الخبرة الكافية و لا مسرح معد لتعرض فيه مسرحية مجهولة الهوية و مجهولة التقدير .. و بعد اكثر من شهرين من الصمت ظهرت بعض التحركات الغريبة لقاءات ،نص مكتوب،افكار .. فسألته " هل انتم جادون " قال بتلك العينين اللامعتين "نعم"
كتابة النص حملها على عاتقة المبدع الحائز على جائزة رئيس الجمهورية المخرج /عمرو جمال، اما الادارة و العلاقات فكانت على عاتق الاستاذ/ فهد شريح ، الديكورات و الماكياج الادارة الفنية و باقي المهام تقاسم بها مبدعي عدن ، فتى المسرح الاول/عدنان الخضر و النجم الكوميدي و الدرامي / رائد طه ، بمشاركة الكوميديان الفريد من نوعه /قاسم رشاد و الكاتب/ مروان مفرق و الممثل/غسان صلاح ، الممثلة و مصممة الرقصات /سالي حماده و النجمة /غيداء جمال والاعلامي احمد هاشم ، ورافقتهم في مسيرتهم الفنية الاعلامية امل عياش التي لم تفارقهم ابداً و لازمتهم كظلهم ..
اما الانتاج فكان حله سهلاً بعض السرقات الخفيفة من منازلهم و امام ناظري أهلهم، و من خلفهم احياناً كانت تختفي الاشياء" كمبيوتر ، كرسي،سلة زهور، بوفيه،سوفة و بعض الستائر التي انتزعوها من جدران بيوتهم ، اما اجورهم فكل منهم تحمل تكاليف نفسه .
مكان العرض ليس بالضرورة ان يكون مسرح و تلك هي المفاجأة ان تعرض مسرحية خارج مسرح فهي الاولى من نوعها .. و كما اغلقت امامهم ابواب المسئولين و الجهات المعنية ، فتح الله امامهم باب سينما هريكن على مصراعيه و بتكاليف نكاد ان نقول مجانية ، فالاستاذ عارف ناجي و عائلة الماستر حمود لم يتركوهم بل كانوا الداعمين الوحيدين في بدايات مشوارهم الفني ، حتى صنعوا "عائلة دوت كوم " كان عملاً جماعياً مثالياً يصعب ايجاده في هذا الزمن .. هو الايمان و الارداه .
و كطائر العنقاء الذي انتفض من تحت الرماد كانت فرقة خليج عدن التي انتفضت من تحت الظروف الصعبة و فردت جناحيها مرفرفة في سماء عدن مطلقة ذاك الصوت التي هز كياننا ، فرقة نؤكد لمن لا يعرفهم انهم هم من نفضوا الغبار عن المسرح العدني الذي احتلته العناكب و سيطرت عليه "السوس" و " الارضة " ، فرقة اخرجتنا من غياهب النسيان و فتحت اعيننا على المسرح من جديد و اطلقت ضحكاتنا التي هزت اركان المدينة و طوت صفحة مظلمة مغبرة من السبات العميق للمسرح العدني .
و نعدكم فرقة خليج عدن اننا سنخطوا خطاكم و نرفع الكرت الاحمر في وجه كل من هدم و دمر ، لكل من قتل و جهل ، لكل من اراد ان يدفن الانسان و كرت احمر لأولاءك الذين استوقفوا كل القادمين لمشاهدة مسرحية كرت احمر في قاعة فلسطين صباح الخميس الفائت يراقبون و يحققون معهم و كأننا غرباء سيدخلون ارضا غريبة غير ارضهم ..