الكتابة روح
الكتابة قبل أن تكون مجرد تجميعا للأحرف والكلمات والجمل، هي روح تسري بين أرواح القراء الذين مازالت أرواحهم في وضع التفعيل، ولم يتحولوا إلى آلات" تقرط وتنام".
حاول الأستاذ "مسيلمة الخراط" أن يكتب كلاما مفهوما، فكتب كلاما مسخرة لا يقله رعاة الأغنام في البادية، راح يجلب السجع والجناس والطباق في نصوصه، حتى يحدث الصدى، فحدث الهزء لا أكثر، يقول ( والشاة وألبانها , وأعجبها السود وألبانها , والشاة السوداء , واللبن الأبيض , إنه لعجب محض , وقد حرم المدق فما لكم لا تمعجون )، فامعجوا من لبنه ولغته جزاكم الله خيرا، ذهب يقلد كلام الرب فوقع من أول لفظ، ولتكن لغته كما شاء لكن أين روح كلماته؟ مجرد خدج ميت لا أكثر.
ما ذهب بي لكلام مسليمة هو قراءة، بعض نصوص المتنطعين في اللغة يأتون بالمفردات من القاموس الميت وغير المستخدم، فقط ليستعرضوا على القراء أنهم مميزون عن غيرهم ، فيخونهم التركيب اللفظي الذي يجترونه من قاع جافة ، ولأني لا أحب أن أدخل في جدل من هذا النوع العقيم لن أورد نصا لأحدهم ، لكنني أعلم أنكم على إطلاع وتستطيعون التمييز ، يصف أحدهم الخاتم بأنه "مبثوثا في رماد" يا الله لطفك بخاتم الماس حتى لا يتحول إلى بخار، تولد الكلمة ميته بسبب التنطع الزائد عن حده.
لا تغركم أحرف تسبق الأسماء مثل" د ،م ، س، ج.."، أو حتى التخصص، فالكتابة روح لا تحتاج إلى القاب تخصها، فوجود روح في الكلمات يزيل عنها عناء النحو والصرف والقواعد مع أنها لازمة ولا مجال للتهرب منها، إلا أن اللغة أكبر وأشمل من كل القواعد، وفي النهاية، هي لغة تخاطب مفهومة بين الناس والسلام.
لو كان "قائد" يقبل نصائح "مجيد" ما كان سيسمعه بعد كل حديث جاد " قدك تتنحوى يا قايد" فنلوذ بالضحك أنا وعلي وشهاب، فيخرجنا من كربات التنطع اللغوي الحادة ومن يوميات العذاب والبعد، مع العلم أن قائدا جادا ولغتيه لا اروع منهما، الإنجليزية والعربية، فقط المزاح وكلمة" يتنحوى" هي المقصودة لا أكثر.
تصيبني الخيبات عندما أزور الجامعة الإسلامية في حفل أو مناسبة، فتتشقق أذناي من سماع اللغة المقعرة، والشعر المتصنع والاستدلال بشواهد من عهد ذي القرنين، يعتقدون أن هذا هو ما يحافظ على اللغة العربية من الضياع ، لكن هناك تضيع اللغة وتقتل وتموت بدون غسل ولا كفن ولا صلاة عليها، ماذا يعني لي أن تحدثني بلغة تشبه لغتي من بعيد، ولا تعنيني كاستخدام وكمصطلحات يومية؟.
ربما هذا الذي تتحدث عنه قادم من بعض ما تعلمناه من الصحافة ولغتها الوسطى بين العامية والفصحى، لكن تبقى اللغة روح، والكتابة روح، فطوبى لمن يسقي كلماته من روحه وعقبى لمن يترك لغته الميته في صدره فلسنا مقابر، ويكفينا القتل الذي نعيشه كواقع، يبدأ من قتل الأحلام والمشاعر، وينتهي بقتل الإنسان.
ما دعاني لكتابة كل ما سبق هو نص كان من المفترض أن استفتح به الحديث، لكني احتفظت به كنزا لمن يريد أن يتحسس روح الكلمات، ومع أن صديقنا كاتب النص منشورا في صفحته قد تكلف وتسلف اللهجة العامية ومفرداتها، وتصنع الكتابة باللهجة المحلية في" تعز"، إلا أن روحا تسري في شريان النص، قد يكون الشيخ أبو عامر الشيباني مدركا لها، أو لا، لكن تلك الروح تداعب أرواحنا وتجعلنا نبتسم، سأتعمد عدم شرح وترجمة النص القروي، حتى لا أقتله فقلبي لا يحتمل قتل كل هذا الجمال.
"اشه اصحابي البلبسبوك كلهن يباركلي خطبتوا بنت الفندم المطوع حقنحنه وانا معرفيش ومدفعتوش حته قرش واحه بس قال لتلقته اشه 5 مليون والله انو شزوجنه هي وشندلنحنه صبل وسط البركاني، وكل المقاومين شهود باقي العقد اشنعقد باذا اسبوع"..
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها