ثنائية المؤتمر الحاكم والمعارض !!
السؤال المهم هو أين موضع الرئيس عبد ربه من المؤتمر ؟ واين المؤتمر من الرئاسة والحكومة ؛ بل ومن العملية السياسية القائمة على اساس توافقي شراكي بين القوى المختلفة المعنية بمهمة الانتقال السياسي وفقا ومبادرة الخليج واليتها المزمنة ؟! .
الواقع ان المتابع للحالة اليمنية ستأخذه الدهشة والحيرة مما يشاهده من فوضى عجيبة جرا اصرار الرئيس المخلوع على مزاولة نشاطه السياسي كرئيس للمؤتمر وكقائد معارض جل همه افشال الرئاسة والحكومة ودونما أية اعتبار لشراكة المؤتمر ذاته في السلطة الانتقالية .
هذا الاصرار العجيب ، وهذه الصلف والرفض الممارس ممن يفترض انه بات في ذمة التاريخ ومؤرخيه ؛ بقدر ما جنب المؤتمر الشعبي العام مسألة سقوطه اسوة بالحزب الوطني المصري والتجمع الدستوري التونسي ؛ بذات القدر كان سببا في اصابة المؤتمر وشراكته في ادارة الدولة الانتقالية بحالة انفصام ، جعلت التنظيم وشراكته اسيرا لهذه التبعية المزدوجة لرئيسين ونظامين وعهدين .
هذا الولاء المزدوج كان من تجلياته هذا الانقسام الحاد ، وهذا الاستقطاب ، وهذه الثنائية العجيبة في التعامل مع المرحلة الراهنة واستحقاقاتها السياسية والانتقالية والوطنية ، فلأول مرة نجد انفسنا امام حالة نادرة الحدوث إن لم نقل غير مسبوقة في التاريخ السياسي .
اننا إزاء رئيس سابق تم اجباره شعبيا واخلاقيا ووطنيا على مغادرة سلطانه ، وبعيد ثلث قرن ويزيد ؛ ومن ثم يعود لنا من نافذة تنظيمه الهلامي - الذي رأسه ثلاثة عقود - كي يكون رئيسا على رئيس الدولة الخلف ، وكي يسقط حكومة نصفها وزراء من تنظيمه المؤتمر الشعبي العام ، حقيقة لا اعلم كيف لرئيس اقسر شعبيا واخلاقيا وادبيا على تسليم رئاسة الدولة لنائبه ورئاسة الحكومة للمعارضة ومن ثم انه يظل متشبثا برئاسة تنظيمه ؟ .
شخصيا لا احمل اية ضغينة او ثأر مع المؤتمر الشعبي ؛ بل وعلى العكس اود رؤيته وقد تعافى من سقمه البنيوي والمنهجي والبيروقراطي والاستحواذي ، وقبل هذه جميعا ، يبرأ من علته المزمنة المتمثلة بولاء مطلق لشخص الرئيس صالح ، فما من ولاء افضل وانجع من الولاء للتنظيم وبرنامجه ونظامه وميثاقه ! .
حين اقول مثل هذا الكلام ؛ فلأنني ادرك مقدار المحنة التي يمر بها المؤتمر ، خصوصا في هذه المرحلة التاريخية التي يجد ذاته منقسما ، ما بين ولائه للرئيس صالح ؛ كنوع من التظاهر بالإخلاص والوفاء - وايضا - كضرورة تحتمها حاجة التنظيم للمال والنفوذ والقوة والسلطة .
وبين الولاء للرئيس هادي ، فبرغم كونه ضرورة قصوى للمؤتمر وكيانه المترهل والشائخ ؛ إلا ان هناك من يتعامل مع الرئيس الجديد والطارئ بنوع من الحذر والريبة ، وخاصة رموز العهد السالف الذين مازال ولائهم مطلقا للرئيس صالح ، ومن السابق لأوانه القول بثمة تبدل أو تحول حقيقي وجوهري في مواقف وولاء الرعيل الاول .
الواقع ان المتابع للحالة اليمنية ، ستأخذه الدهشة والحيرة مما يشاهده من فوضى عجيبة ، جرا اصرار الرئيس المخلوع على مزاولة نشاطه السياسي ، كرئيس للمؤتمر ، وكقائد معارض جل همه افشال الرئاسة والحكومة ، ودونما أية اعتبار لشراكة المؤتمر ذاته في السلطة الانتقالية .
ففي كل الاحوال صالح واعوانه ورموز حكمه لديهم مخاوفهم وهواجسهم ، وقبل هذه الاشياء بالطبع مصالحهم الشخصية ، ان لم نقل مصيرهم الواحد والمشترك ، وهذه المنفعة والمصير الواحد أظنهما سببا رئيسا ومباشرا في ولادة هذا الهجين المشوه المتخلق برأسين لكيان غريب يتحدر من سلالات عدة منها كائنات انقرض وجودها ومنها ما هو نادر ومتوحش ومنها – ايضا – كائنات متكيفة ومتأقلمة مع كل المناخات والتحولات .
على هذا الاساس يمكن تفسير هذه الثنائية القائمة على النحو التالي : كائنات شديدة الولع والصلة بحقبة الرئيس صالح ، لذا هي مستميته الآن كي تبقي وجودها ومكاسبها بمنأى عن السقوط والخسران ، يقابل هذه الجماعات المستترة بولائها المخلص للعهد البائد ؛ هناك كائنات أخرى تلتمس طريقا ما يصلها بعهد الرئيس هادي - ولو على استحياء وتوجس -وذلك كيما تحفظ صيرورتها أو تحقق مرتجاها .
وبين الاثنين صالح وهادي وطن يمزقه العبث والقتل والجزع ؟ بين مؤتمر الحرس القديم الذي لم ولن يفرط بالزعيم ، وبين مؤتمر الحرس العهد الجديد الذي لا يبدو انه قد حسم امره ؛ هنالك يوجد شعب ، وسلطة ، وقوة ، ووحدة ، وتنمية ، وحوار ، وهيكلة ، وووووالخ .
فهذه القضايا جميعها عالقة وواقفة في انتظار ان يحسم الرئيس عبد ربه امره ؛ فيتولى رئاسة المؤتمر ، وإما ان يستقيل من المؤتمر ورئاسته ، تاركا اياه للرئيس صالح ورموزه – وايضا – لمصيره المحتوم !اقول ذلك رغم يقيني التام بان الكائنات الميتة الفاسدة تبقى كائنات ميتة فاسدة لا خير فيها او روح او مقاومة .