رسالة إلى أبي !!
هكذا..
تمضي الأيام يا أبي
وتعود؛ لتمضي مجدداً،
فتعبر بنا بعيداً ..
ونحن لا زلنا ننتظر ذاك الغد الذي لا يأتي ..
كعادتنا ، نحتفل بجراحنا المزمنة ؛ ولا شيء هناك غير التباس مرّ ينتابنا كجرحٍ غامض()
..........
نصف قرن يا أبي على تلك الأيام التي أردتموها أن تكون غدنا الأفضل..
حقيقة، لا أدري ماذا أقول ..ماذا أقول لك ؛ وأنا أبدو بحاجة ماسة إليك.. إلى مناجاتك اليوم في عيدك المجيد بصفتك ثائراً،
بينما أجدني لا أعلم عن تفاصيل نضالك الثوري إلا الجحود الذي يتجسد بتلك الإعانة الشهرية والمبلغ الحقير()
ماذا عساني أن أقول بك.. لك ،وفيك وأنت لم تكن تود الحديث معي كأحد فدائيي حرب التحرير وثورة أكتوبر؛ فكم كنت أريدك أن تتحدث عن ثورتك عن رفاقك ومعاناتكم معاً في درب النضال، فأبيت.. حتى غادرتني قبل الأوان..
وكأنك تخشى من حديث قد يقلل ربما أو ينال من نُبل ما قدمته من(واجب مقدس) تجاه "الأم الحنونة" التي احتضنتك منذ نعومة أظافرك..
حقاً شكراً لك يا أبي ، فعيدك يمنحني الكثير من الزهو()
بيد أني اليوم كلما بدأت بالكتابة تعضني أصابعي.. سامحني
فأحلامنا التي أمطرناها دماً ..أزهرت جروحاً ، وخيمتي التي أسكنتها انتظاري تآكلت بفعل قسوة الشمس!
وهذا (نوفمبر) يا أبي، نوفمبر الاستقلال .. فيما نحن عالقون في فخ (الشقيقة) فكننا الخسران واستباحنا اليأس فتضاعف الهم وتكدس الغبن حتى تشظت الجهات..
فلا الشمالُ شمالاً
ولا الجنوبُ جنوباً ،
لا شيء هنا غير القهر والدمع، وقلقٌ تجمعت الأدلة ضده يتأرجح على قافلة حبلى بالفجائع ..
لذا، لا أستطيع أن أغني؛
نعم، الأملُ عاطلٌ يا أبي
والناس يتظاهرون في الشارع بحثاً عن حياة ..
فأي عيد يكون إذاً ؟!
أي عيد يكون؟
والأشياء تغيب في الأشياء في تناقض مريب،
والوقت يمر غريباً هكذا دون جدوى ()