الجمعة 07 ديسمبر 2012 10:08 مساءً
مأزق الربيع العربي
يواجه الربيع العربي عوائق كثيرة ، وهذه المرة من داخله ، ما يجري في مصر هذه الايام يخبرنا بذلك ، فعندما فشلت النخبة في الحوار والجلوس على الطاولة خرجت للشارع لتختلف على الدستور مع جهل الشارع بالدستور اصلا، وهذا خطأ كارثي ترتكبه نخبة مصر وسياسيييها وحكومتها ومعارضتها بدون استثناء، مع تحمل كل طرف حصته من اللوم، اجزم انا ان دستور مصر الاكثر حرية واقترابا من روح الديمقراطية
ويعبر عن روح ثورة 25 يناير وروح الربيع العربي برمته، لكن للسياسة تعقيداتها مادام ان هذا الدستور سيكسب الاخوان من ورائه اشياء اهمها انهم استطاعوا ان يقودوا بلدهم الى بر الامان ، لذا فخصومهم الذين استمروا في تاسيسية الدستور خمسة اشهر وانسحبوا في الشهر السادس والاخير بعد ان تبقت 20 مادة فقط لم يتم التصويت عليها ولم تاخذ حقها في النقاش ، ومرد ذلك الى غبن من من لم يحالفهم الحظ في الرئاسة ويتحينون الفرص لاسقاط الرئيس الذي لم يكونوا يرغبون في صعوده ،وكان الوحيد الذي لم يحسب من اعد للانتخابات حسابه في الفوز ، لكن الحسابات سقطت ايضا. ماجرى في غزة من انتصار لحماس الاسلامية بدعم مباشر من مصر التي رجحت كفة حماس سياسا واعلاميا وعلى مستوى الاتصالات الدولية وافشلت عمود السحاب ، فاردت اسرائيل وكل المحافل التي تتبعها ان تنتقم للعمود السحاب الذي حولته حماس عمود سراب شاهده العالم. ما يجري لمرسي في مصر يذكرني بما حصل للسلطان عبد الحميد وتأمر كل المحافل الماسونيية واليهودية والعالمية عليه مع فارق ان كل ما يجري الان مكشوفا امام الراي العام، وان المحافل الماسونية صارت ضعيفة اليوم وتحولت الى جماعات ضغط لا تسير دولا ولا توجه سياسات ، بالاضافة الى ان العالم يدرك انه لا استقرار في الشرق الاسوط والمنطقة باسرها بدون الاخوان الملسملين الاقرب الى البرجماتية التي تحكم الغرب الان فهم واقعيين اكثر من غيرهم . يختلف الساسة في مصر كثيرا لكنهم سيتفقوا حتما فليس من صالحهم ولا صالح المنطقة ان يختلفوا طويلا واعتقد ان الاستفتاء على الدستور سيضع الحل وعلى كل القوى ان تجتمع لتقول كلمتها في الدستور الجديد نعم او لا ،وبهذا تخرج كلها مجتمعة من نقاشات الشارع التي لا تحمد عقباها. وفي تقديري ان الدستور سيلقى تصويتا كبيرا وربما يحصل على نسبةتاييد تصل ما بين 75%-85% ، ونجاح هذا الدستور هو نجاح لمصر والربيع العربي بلا شك، ما اريد الاشارة اليه انه ليس امام اخوان مصر سوى المضي قدما في هذا الطريق الدستوري واقامة مؤسسات الدولة، ومع ان خسائرهم تزداد لكن مصر تستاهل وشعب مصر يستاهل التضحية التي يقدمونها لاجله، وسيشهد التاريخ يوما ما ان م الاعلام المصري ظلم الاخوان بغير وجه حق و اثبت انه ملكي اكثر من الملك ،واعطى صورة سلبية عن الانسان العربي عموما والمصري خصوصا، وساهم في التحريض السياسي واخرج اناس لا يعرفون لماذا خرجوا ، شاهدت مقابلات مع مواطنيين متظاهرين ضد الرئيس لا يعرفون ماذا يريدون ولماذا اخرجوا اصلا ولا يعرفون من هو المرشد. وفي نهاية الامر مصر ستنجو لانها تريد النجاة و 100 مليون مواطن ينتظرون الخروج من نزق الساسة ، وينتظرون نهضة مصر منذ 60 عاما. الدولة في مصر موجودة لكنها متعثرة من ستة عقود تتحرك ببطء وتقف في مكانها وتهوي من سنة لاخرى الى ان وصلت للثورة ،والان يجب على من فاز في الانتخابات ان يقودها نحو الخروج من تعثرها، ولذا ما ننصح به الاخوان في مصر هو الاستمرار في مشروعهم للخروج بالدولة من الضياع الذي تعيشه مصر الى الان ، وفي خلال ستون عاما عسكريا في مصر لم تحقق مصر شيئا يذكر سوى ارقام في درجة النمو القومي مكتوبة في الكشوفات ،لكن المواطن المصري لم يلمس الخير حقيقة الا ايام السادات الذي حاول ان يكون ابا للمصرين، لكن الظروف لم تسمح له وانفتاحه انعش مصر، وقاد بكل بطولة عملية السلام مع اسرائيل، لكن لم يفهمه احدا في حينه واعترض عليه حتى مجنون ليبيا القذافي وشاويش اليمن صالح. ليس ابو الدولة في مصر حسن البناء كما يروج البعض فهو اب لاكبرتنظيم اسلامي عالمي ،ابو الدولة في مصر هو محمد علي باشا والذي حكمها مابين 1805-1848 فهو المؤسس الحقيقي للدولة وهو ابو المصرين مع انه من اصصل الباني ، ومثله مثل غاندي ابو الهنود ،واتاتورك ابو الاتراك ، ومهاتير ابو الماليزيين وجورج واشنطن ابو الامريكان. واذا كنت انصح الاخوان في مصر ان يسعوا للحكم بلا تراجع لوجود دولة حقيقية في مصر فانا لا انصح الاخوان في اليمن(الاصلاح ) بالسعي للحكم لعدم وجود دولة حقيقية في اليمن ما يوجد لدينا هو شبه دولة واخر دولة فعلية في اليمن هي الدولة الرسولية 1229 -1454 ، وكل ماسواها الى الان هي مجرد قبائل تحكم رعية ،او اسرة تبحث عن سلالة ومجد شخصي ودعاوي ساقطة شرعا وعرفا ،ولكم يكونوا سوى نهابيين مغتصبين للعقول والارض ،افكارهم انتحارية وحربية وخاضوا حروبا بينهم لم تنته حتى انتهوا بين المفضول والفاضل والمحتسب وكلها رجعية ،تخلصت اليمن من شرهم في 62 ،وهذه هي اهم ميزة لثورة سبتمبر. لكن ثورة سبتمبر ماتت عقيمة، ولم يحقق احدا اهدافها ،ولم تخلق دولة في الشمال ، كما ان اليساريين الذين حكموا الجنوب لم يكونوا اهلا للبناء، فبعد تسلمهم لمقاليد الحكم في 30 نوفمبر 67 من بريطانيا لم يصنعوا سوى المأسي ضد الناس ،وضحايا جبهة التحرير بغير عدد والهاربين مازالوا الى الان في تعز ومحافظات شمالية فارين من ظلم اليسار ، كما ان ما وقع في 86 يكفي ان يقول لهم لستم اهلا لقيادة الناس مهما كانت تبريراتكم لما حدث من اهول وفضائح، وحتى ما كنا نسميها دولة الوحدة لم تكن سوى حكاية عن اسرة تخلصت من كل شركائها والغت كل حلم بالدولة الى ان اتت الثورة في 2011. كل هذا يجعلنا نقول انه لا دولة حقيقية في اليمن ولذا على الاخوان وغيرهم من القوى ان يعملوا جميعا لاجل بناء الدولة اولا، لا ان يسعى احدا منفردا الى حكمها حتى تكون على الطريق الصحيح ، وهنا اثمن دعوة الاستاذ اليدومي لاطالة اللقاء المشترك لعشر سنوات قادمة واضيف اليها عشرا اخرى ، لانه في مرحلة البناء لدولة مدنية يجب ان لا ينفرد احدا بالحكم ،حتى تقوى الدولة على الوقوف على قدميها وعندئذ لكل حادث حديث.