حينما يتصدَّر المشهد سلطان وحسن زيد !
لم أجد أسوأ من أن تصفعك رسالة خبرية بمجرد فتح تلفونك تحمل مزحة ثقيلة دم وظرافة لم يحسب لها صحفي ابتلعها كخبر, ومضمونها أن رئيس كتلة السيرك الشعبي العام انضم الى قائمة المستقيلين من حزبه المختطف أصلاً بعد أن تدفقت إلى عروقه فجأة دماء الشجاعة واحترام النفس ومنتسبي الحزب.
كانت نكتة سمجة, غبي من يبتلعها كخبر جاد يتعامل معه ليخدم به جمهور القراء, فهل يعقل أن يستطيع البهلوان سلطان الوقوف أمام ولي نعمته و(يُبهرر) في وجهه ويعلن براءته منه بعد أن تصدر لمعركة قلع العداد وكان ضمن طابور الرئيس السابق في تبرير الجرائم المرتكبة بحق الوطن والشعب وشباب الثورة السلمية؟.
لم يقف الأمر عند ذلك, فالنكتة السخيفة تحولت إلى مسرحية هزيلة بالتسريبات المتعمدة عن استقالات قياديين آخرين, أحدهما رافق ذات الولي إلى الجنة في ثوانٍ عاشها أثناء تفجير جامع النهدين في 6 يونيو 2012, والثاني هو صنيعة ولي النعمة وأقرب إليه نسباً.
ومما يضحك أكثر أن البهلوان ورفيقيه تسرب خبر استقالتهم احتجاجاً على حصص التمثيل الهزيلة التي حصل عليها حزب ولي النعمة الآفل (الشعبي العام) ضمن الحصص الموزعة للتمثيل في مؤتمر الحوار الوطني الشامل والتي وصل المعلن منها صراحة 112 شخصاً, ولن تخلو بقية المكونات من الأتباع.
في المقابل يتذمر بصمت وخجل قيادات وقواعد أحزاب عريقة تتواجد في كل مدن وقرى اليمن ومن مختلف الشرائح والفئات (كحال التنظيم الناصري والحزب الاشتراكي) من حصصهم المتدنية وتساوت (أو أقل) مع حصة جماعة الحوثي المسلحة التي تسيطر بقوة السلاح والادعاءات الدينية الكاذبة على محافظة واحدة ولا تمثل كل مكوناتها.
حزب الإصلاح هو الآخر تتذمر قياداته العليا والوسطية وقواعده التي لا توجد قرية أو حي في سهول ووديان وجبال وصحارى اليمن إلا وفيها منهم ومن مختلف الشرائح والمهن والفئات العمرية, لأن حصة الحزب كانت فقط 50 ممثلاً.
ومن المفارقات أن بقية الأحزاب الشريكة للإصلاح في تكتل اللقاء المشترك التي منحت حصصاً لا تزيد عن 4 أشخاص تريد اقتضام حصصها من حصته الهزيلة مقارنة بحجمه كحزب وطني كبير وشريكيه الاشتراكي والناصري ولا يهتم أحد منها لما حظي به حزب قامت الثورة ضد النظام الحاكم باسمه أو جماعة مسلحة تنتهج العنف لفرض سيطرتها ولا تعترف بالديمقراطية والانتخابات كوسيلة للوصول إلى السلطة بل تدعي الحق الإلهي فيها بفعل الجينات والسلالة الطاهرة.
قمة المهزلة أن تبلع أحزاب المشترك ومكونات شبابية ثورية هذه القسمة العوراء الخاصة بمؤتمر يفترض أن يضع مداميك المستقبل ويرسم معالم اليمن الجديد, فيما يبتلع زملاؤنا الصحافيون خبراً هو المهزلة بعينها يصوّر سلطان وفرقته بغير ماهم عليه من احترام للذات وجمهورهم ليمارسوا لعبة سخيفة ويطالبوا بمزيد من الحصص ويجبروا الأستاذ جمال بن عمر على محاولات إقناعهم والتبرير لهم.
سأضحك أكثر- وقد ضحكت فعلاً- حينما أقرأ تصريحات لحسن زيد يتهم الإصلاح بـ (التكويش) على كل شيء بدعم الفرقة وآل الأحمر ومليشيات الحاج محمد مرسي, ويهدد بطرد الإصلاح من تكتل اللقاء المشترك, وكأن المشترك عموده الاساسي هو حزب لا وجود له سوى في صراعات زيد والمنصور والبحيري.
والضحك لن يتوقف عندما تسمع نائف القانص يندد و(يشطح مصحوباً بالتأتأه وعبارات لا ارتباط بينها) وهو يشير إلى الاصلاح وينسى أنه في قيادة حزب انقسم مؤخراً إلى ثلاثة تيارات بعد أن كان حزباً منشقاً عن بعث العراق إلى بعث سوريا لينتهي به المقام في أحضان الحوثي والجزار بشار الأسد و(سيدهم) علي خامنئي عليه السلام.
المؤتمر ليس أفضل حالاً, فكيف سيتم توزيع تلك الحصص على الحزب الحاكم سابقاً وحلفائه من أحزاب الأستاذ عبده الجندي والمناضل مجاهد القهالي والمجاهد قاسم سلام؟, وهل ستكون تلك الحصص من نصيب المؤتمر الشعبي المختطف لدى الرئيس السابق وعائلته وطابور سلطان وفرقة السيرك أم من نصيب المؤتمر الذي يقوده الرئيس عبدربه منصور هادي والدكتور عبدالكريم الارياني وغيرهما؟.
قمة المهزلة أن يتصدر المشهد سلطان البهلوان وحسن زيد ونائف القانص ليبحثوا عن حصص تتناسب مع حجمهم الوهمي، فيما قواعد وقيادات أحزاب وطنية كبيرة ومكونات شبابية ثورية ومنظمات مجتمع مدني تتوارى وراء الصمت والتذمر الخافت، بحثاً عن رضى لن تجده عند بن عمر ولا من يقفون وراء بن عمر.