قراءة في متاهات جمال بن عمر
لايزال المبعوث الأممي جمال بن عمر يستحق الشكر والامتنان على ما بذله من جهود في سبيل النقل السلمي للسلطة في اليمن لكنه في المقابل يحتاج للتبصير في بعض الأمور التي لايزال يجهلها عن هذا البلد الذي يصعب اكتشافه في وقت زمني قصير.وجمال بن عمر يتذكر ربما، انني قدمت له الشكر الجزيل في لقاء جمعني به في فبراير الماضي بفندق سبأ ولعله قرأ ايضا قرأ مقالي الذي اثنيت عليه فيه بعنوان "بن عمر.. يمني بجنسية مغربية" المنشور في نشوان نيوز ومواقع اخرى. لكنه اليوم يصدمنا جميعا سواء من وقف مع التغيير او من وقف ضده وخصوصا عند ظهور مقترحاته لنسب التمثيل بمؤتمر الحوار حيث بدا التزامه الحرفي بالمكونات الثمانية المنصوص عليها بآلية تنفيذ المبادرة الخليجية أمرا يفخخ مسيرة المرحلة الانتقالية بالعديد من الالغام ويفجر العديد من الخلافات ويعطي فئات سياسية بعينها احقية رسم معالم اليمن الجديد في تجاوز لحق الشعب في صوغ مستقبله بممثليه المنتخبين وكذا في اهمال مكونات وطنية عريضة اهمالا تاما كالمستقلين والسلفيين واعطاء مكونات اخرى مؤهلها الوحيد حملها السلاح حجما اكبر مما تستحقه.
أقول لبن عمر: انك لو بحثت في اليمن قرية قرية وحارة حارة ما وجدت من ينتمي لما يسمى اتحاد القوى الشعبية الا في النادر الذي لا حكم له، لكنك يستحيل ان تجد حارة او قرية ليس فيها 3 او 4 سلفيين. ولا وجود لهم في التمثيل، وقس على ذلك شريحة المستقلين وهي الشريحة الاوسع في اليمن. أليس في غياب هاتين الشريحتين فجوة كبيرة وغبنا مؤكدا!
والان نشاهد في اليمن عاصفة من الغضب على المبعوث الاممي من قبل الجميع بعد عاصفة الثناء والتصفيق التي كان يحظى بها. والمؤسف الذي لا نرجو حدوثه هو ان يقول التاريخ بأن المبادرة الخليجية نجحت في اليمن لكن جمال بن عمر فشل في نهاية المطاف.
ولعل املنا الكبير بعد الله عز وجل هو في ان لجنة الحوار تحتوي في عضويتها اسماء يحترمون انفسهم ويحرصون على مستقبل بلدهم ويمتلكون من الحكمة والرفق ما يجعلنا نطمئن الى حد كبير.. ومطلوب من هؤلاء ان لا يطيلوا صمتهم وان يفرضوا الرؤى الوطنية التي تنحاز لاحلام هذا الشعب ورؤاه بعيدا عن المصالح الجهوية الضيقة. وألا يتركوا الملعب خاليا لاصحاب الثارات والنعرات الذي يشفون غليلهم على حساب وطن.
لابد من اعادة النظر في خارطة التمثيل بمؤتمر الحوار درءا لفتنة قد تتعاضد وتتفاقم وتحدث فتقا في قميص التسوية يصعب رتقه. ولا بد من اعادة النظر في إلزامية توصيات مؤتمر الحوار بحيث تغدو اثراء لا تشريعا لان لا شيء يجبر الشعب اليمني على أن يفرط في أهم حق من حقوقه وهو التشريع ورسم معالم المستقبل. كجوهر تغدو من دونه الديمقراطية مجرد شعار خادع.