الجنوب يتراجع !!
يبدو أن الجنوب يعيش تحت وطأة شعارات تبناها الشمال في القرن الماضي !!
" من تحزب خان " و " الحزبية تبدأ بالعمالة وتنتهي بالخيانة" ولا يدرك مسوقو هذه الشعارات أن عدن لم تكن إلاّ مهداً المدنية
والحداثة السياسية, انتشرت فيها التنظيمات السياسية الحديثة المعبرة عن مدنيتها, حتى المعارضة في شمال اليمن كانت تجد في عدن موئل ومستقراً لها وكلنا يتذكر الزبيري والنعمان اللذين أسسا الاتحاد اليمني في اربعينات القرن الماضي. وتأسست في عدن تنظيمات مهنية ونقابية وأحزاب عديدة, وفي الوقت الذي كان الشمال يرزح تحت شعارات " من تحزب خان" " والحزبية تبدأ بالعمالة وتنتهي بالخيانة" وعلى أساس هذه الثقافة السائدة؛ ظلت الحزبية محرمة. وجاء تأسيس المؤتمر الشعبي العام عام 81م لا بوصفه حزب , بل كيان هلامي وتجمع مصالح فرضه وجود حزب حاكم في الجنوب, وكان يرمي إلى التهام الاحزاب التي تعمل من تحت الأرض! ومع الأسف, يبدو أن تلك المدنية والحداثة التي أتسمت بها عدن, هناك من يحاول أن يمارس الانتقام منها , ففي الوقت الذي برأ الشمال أو كاد يبرؤ منها , فإن هناك من يحاول أن يجر عدن إلى مستنقعات أسنة بعضهم بحسن نية والبعض الأخر بسوء نية, فبدأت ترتفع أصوات نشاز في الجنوب تردد شعارات عتيقة " لا حزبية ولا أحزاب ", ولا يدرك هؤلاء أن سيادة شعارات كهذه تجرنا إلى مستنقعات الثقافة القبائلية والجهوية الضيقة, لأنه لا بديل للحزبية الجامعة للناس من كافة المناطق على أساس الإيمان بالفكرة, إلاّ القبلية والمناطقية المقيتة التي تجمع الناس على أساس النقاء الدموي والسلالي , وهي أشكال متخلفة بكل المقاييس! وإذا كانت شعاراتنا المرفوعة لا تتسم بنبل أهدافها ومقاصدها, فإنه تؤسس لرجس الخراب, لذا علينا أن ندقق فيها, وعلينا أن نستوعب دلالاتها ومآلاتها أيضاً !!