ستة أعوام وهم يزحفون إلى عدن ..
زحف ثوار تونس مرة واحدة وفي ظرف ساعات ولى بن علي هاربا خارج الحدود يبحث عن مستقر، وفعل ثوار مصر ذات الشيء بزحف خاطف أجبر الرئيس المخلوع مبارك على إعلان التنحي ، وزحف ثوار ليبيا مسلحين بغطاء دولي ودعم عربي واجتاحوا باب العزيزية في حين اختفى القائد القذافي مثل جرذ في نفق المجاري، وزحف شباب الثورة اليمنية في تظاهرات مليونية ومسيرات راجلة قطعت مئات الكيلو مترات فأنجزوا التغيير وأجبر صالح على توقيع مبادرة تنحيه بيده.
ونحن في الجنوب قتلونا كل يوم زحف ، ومع مرور أي من المناسبات الوطنية نسمع وعيدهم وهنجمتهم، ستة أعوام، عام ينطح عام ومناسبة تتلوها أخرى، يناير وفبراير ومايو ويوليو وأكتوبر ونوفمبر وبينها تواريخ كثيرة طارئة، كلها زحف، لكننا (زحفنا) من الفرجة و(مللنا) من الانتظار على الفاضي.
ودي أن اقول بضعة مفاهيم وخلاصات وتساؤلات للأخوة في الحراك ، مع اعتقادي أن الخطاب كهذا بالجملة إلى مسمى (الحراك) غير دقيق فمكونات الحراك متعددة ومتباينة ولكل واحدة منها وسائل ومنهج وأدوات تختلف عن الآخر، لكن لا بأس دعونا نتحدث إلى المجموع ونحلل ونقرأ للجميع.
السؤال الذي يجب أن يطرحه الحراك على نفسه: إلى متى سيظل في الشارع ، وهل الشارع وسيلة أم غاية، هل المظاهرات والساحات إستراتيجية أم خطوة لتحقيق هدف ؟.
إن الأنين والصراخ والهتاف والزحف الذي تكون غايته أن نستمع نحن الجنوبيون إليه ونشاهده ونعايشه سنة بعد سنة وعام بعد آخر ، ثم نتوقف عند هذه الغاية إلى أن نعيد استجرار ما نفعله مع مرور كل مناسبة وطنية ليس بنضال ولا سياسة ولا تحرك شعبي ، هو أقرب إلى ماراثون سباق رياضي، أو حتى تقليد ربعي أو فصلي أو سنوي وطقوس توارثها الناس جيلا بعد جيل.
حسب أبجديات النضال الشعبي أن الأنشطة والفعاليات السلمية وسائل لحشد محلي وإقليمي ودولي يثمر حوارات ومفاوضات وجلوس على طاولات نقاش وإبرام اتفاقات.. هذا المتعارف عليه، لكن يبدو لي أن أصحابنا في زعامات وقيادات الحراك صاروا متشبثين بالمراوحة بين اليمن الموحد والجنوب المستقل، في منزلة بين منزلتي فلاهم بالمؤمنين ولا بالكفار البواح.
اجزم أن كثيرا من قادات الحراك يفضلون أن تبقى الأوضاع هكذا في المنتصف، شعارهم (خير الأمور أوسطها)، وكل غايتهم أن يبقوا قيادات شعبية يحركون الفعاليات ويقودون الجماهير إلى ما لانهاية ،طالما هناك منفعتين: الدعم المالي والسلم والأمان، فلا هم محاسبون من أنصارهم عن سبب إخفاقهم كل هذه الأعوام في تحقيق خطوات متقدمة للقضية، ولا هم ملاحقون من (الاحتلال) الذي يشتمونه بكرة وعشيا مع أنه سخي وكريم معهم بحيث يتحركون ويتنقلون في المطارات وعواصم المدن وينشطون بكل حرية وسلام ولا توجد ضريبة أو فاتورة يدفعونها.
للعلم: الـ30نوفمبر فيه رحل آخر جندي بريطاني من الجنوب، وفي هذا التاريخ من عام 1989م –أيضا- جرى التوقيع على إتفاقية الوحدة بين شطري اليمن في عدن والتنقل بين المواطنين بالبطاقة الشخصية.