غزة عنوان المقاومة و خيمة النصر
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق/ إسحاق رابين أنه يتمنى أن يستيقظ يوما و يرى البحر قد ابتلع غزة، لكنه سقط صريعا بحسرته فيما ظلت غزة منارة شموخ لا تلين لها قناة و لا يفتر لها عزم،
غزة، خيمة المقاومة المنصوبة في وجه الهزيمة و الاستسلام منذ وطأت أقدام المحتل أرض فلسطين، و حين كانت تتهاوى عواصم الشرق و الغرب في تواطؤ مهين مع الاحتلال الإسرائيلي و اعتداءاته، كانت غزة بصمود أهلها المرابطين و عنفوانها الشامخ تقف معلنة للغاصب أن الأرض تبقى لأصحابها مهما عربد البغي مستغلا دعم القوى الكبرى و ضعف الأمة وهوانها،
غزة زهرة الربيع العربي و نقطة بدايته، و دلالة انتصاره، صمدت في وجه القوة فأثبتت أن القوة حين تكون بلا حق تصبح عربدة فارغة و حمقاء، بينما راحت الملايين تتعلم من غزة الشموخ ألف درس في الصمود،
ظلت تعلن للجميع تمسكها بإرادة التحرير، فتعلم الجميع منها دروس تحرير الإرادة من أسر مغتصبيها و انتزاع الحقوق من براثن سارقيها،
هي خيمة النصر التي لا يمكن أن تقوض، و قلعة الجهاد التي لم ينل منها العدوان و هو في ذروة جنونه، مابالك و قد غدت أوكاره في مرمى صواريخ المقاومة، و قد أضحت الملاجئ و أنابيب الصرف الصحي ملاذهم الأخير خوفا من القصف الذي لم يكن في حسبانهم،
حين كانت آلة القتل الصهيونية تحصد كل ما يقف في طريقها من الأحياء و الأشياء كانت وحدها غزة تجبره على الانسحاب ذليلا مهزوما ليغادرها شارون و جيشه المدجج بكل أسلحة الدمار بدون قيدٍ أو شرط، لتبقى غزة عنوان المقاومة الأبرز و صفحته الأكثر إشراقا في ليل الهزائم الطويل.
غزة التي نالها من اعتداءات الصهاينة ما نالها هي أيضا أرته من صمودها ما لم يدر في رؤوس قادة الكيان الغاصب، إذ انكسرت شوكتهم في غزة أمام إرادة شعب أعزل إلا من إيمانه بعدالة قضيته و قداسة ما يدافع عنه،
شعبٌ يفتح صدره للموت بشجاعة ليعمّد حياته بشرف النضال و المقاومة في سبيل النصر و التحرير و استعادة الحق و دحر المحتلين ،
في غزة كما في باقي فلسطين يرتقي الشهداء في معارج الخلود ليقودوا المقاومة و يوجهوا إخوانهم للأخذ بالثأر، و يدلوهم على طريق النصر، طريق الحياة الكريمة..
في غزة حاول العدو ان يختبر صبر الربيع العربي على حماقته فجاءه الرد أسرع مما كان يتصور و أقوى مما كان يظن، حين وصلت صواريخ المقاومة إلى غالبية بلداته و مدنه و في مقدمتها تل الربيع (تل أبيب) عاصمة دولته و بقرته المقدسة التي لم يخطر في باله أن يطالها القصف أو يصيبها الضرر، لكنها غزة أخبرته كم كان مفرطا في وهمه.
في غزة أكثر من مائة شهيد و ما يربو عن ألف جريح بينما إرادة أبنائها ثابتة ومعنوياتهم عالية، إن تدمر طائرات العدو و غاراته كل شيء في غزة إلا أنها لا تستطيع أن تبث الرعب في نفوس أهلها، و إن يطبق الحصار حولها من كل حدب و صوب لكنه لا ينال من عزيمة مقاوم يضع إصبعه على الزناد،
غزة، فاتحة الربيع و قبلته، زهره و ريحانته، عنوان الصمود لشعب فلسطين، ينحني قليلا للعاصفة لكنه لا يستسلم خانعا للهزيمة، شاءت لها الإرادة الإلهية أن تكون الصخرة الشماء التي تتحطم عليها معاول الحقد الصهيوني الأسود، و تتبخر دونها مشاريعه، و لقد ظلت ولا تزال تفشل خططه و تفضح مؤامراته،
غزة تعري ضعف بني صهيون و تكشف عوراتهم، إنها تتضامن مع الجميع لرد العدوان الذي يلحق بنا الضرر كلما أوغل العدو في استهدافها و بالغ في استخدام قوته العمياء و الماكرة في قتل أطفالها و نسائها و شيوخها.
لا تزال غزة تتضامن معنا، و ما انفك أهلها يجودون علينا بما بخلنا به عليهم طويلا، و قد آن للنضال أن يكلل بالنصر و للمقاومة أن تتوج بالتمكين، و ما ضاع حقٌ وراءه مُقاوم.