أنت تقتلني!!
ليست المرة الأولى ، ولا أعتقد أنها الأخيرة التي أكتب فيها عن الآداب العامة ، عن انعدام المعاني الإنسانية في تعاملاتنا ، عن أهمية الوعي ، عن ضرورة الإحساس بالآخر ، وعن ثقافة المجتمع الذكوري التي قد تصل إلى أن الإحساس بالرجولة لدى البعض لا يكتمل إلا بدخان السجائر . الحياة أصبحت لدى البعض أشبه برجل من دخان، لا تعني لهم شيئاً إلا المصلحة الخاصة والأنانية، هل يمكن أن يكون هناك هذا الرجل الدخاني؟.. نعم هناك رجل من دخان، بل مجتمع من دخان عندما لا تراعى القيم الإنسانية في التعامل اليومي بين الناس ...عندما نعمل أنا وأنت وهي وهو في مؤسسة واحدة ، تحت سقف واحد ووطن واحد ويكون لك الحق في أن تقتلني ، وليس لديّ الحق في الاعتراض ، عندما تحميك رجولتك في مجتمع ذكوري ويدعمك استهتارك في أن تنفث دخان سيجارتك الذي قد يقتلني وتسخر من رفضي الذي يجب عليّ أن أشرحه لك وأقنعك به لتحترم حياتي ، ومعاناتي التي يسببها لي دخانك وأنانيتك ، وأهمية تشاركنا في مكان واحد بسلام . سواء كان هذا المكان مؤسسة أو محل تسوق أو حافلة أو .....إلخ.
السلوكيات التي تتمنى ألا يمارسها أحد ضد حريتك ، يجب ألا تمارسها ضد الآخرين بزهو رجولتك الدخانية ، والتغيير الذي تتمنى أن يكون في حياتك وفي مجتمعك لن يأتي من الخارج بعلب مستوردة ، بل يبدأ من الداخل الذي يحكمك ويتحكم بسلوكك، فقبل أن تنتقد وضع القمامة المنتشرة في الشوارع عليك ألا ترمي أعقاب سيجارتك في قاعة الدرس أو في المدرسة أو في الشارع ، وقبل أن تنفث دخانك بزهو تذكر أن هناك من قد يموت بسببه، وقبل أن تنتقد انتشار الأسلحة عليك ألا تطلق الأعيرة النارية في فرح ابنك وتحوله إلى عزاء ، وقبل أن تنتقد التهوية السيئة في مراكز التسوق في زحمة العيد، عليك ألا تدخن فيها ، وقبل أن تظل تتكلم عن الإنجازات في كلامك أرنا أعمالك فعلاً وقبل أن تتحدث عن أخلاقك العالية وعلاقاتك الرائعة مع الناس دعني أراها في تعاملك معي ومع زميلي ومع فرّاش المؤسسة .، فالتغيير الإيجابي يبدأ من الداخل .
21/ 11/ 2012