مأرب.. دخان قاتل وإصرار «جعبل بن طعيمان»
مطلع الأسبوع الجاري، كنت في مدينة مأرب بعد أكثر من أربع سنوات على آخر زيارة لي إليها، حيث المدينة والمحافظة التي كان يفترض أن تكون صورةً حديثة لحضارة عريقة وقِبلةً للسياحة ومصدر جذبٍ للسائحين ودخل لأبنائها قبل غيرهم بما تمتلكه من مقومات سياحية كبيرة غير الثروة النفطية والإمكانيات الزراعية.
مرت السنوات والوضع عاد للوراء وتدهور أكثر فأكثر, ولم تعد مأرب عنواناً للتاريخ وعرش بلقيس ورمزاً للحضارة العريقة وسد مأرب, بل عنواناً للأخبار والصحف والقنوات والتقارير فيما يتعلق بالاختطافات والعصابات الارهابية والإجرامية وضرب أبراج الكهرباء وتفجير أنابيب النفط والغاز.
ما لاحظته خلال زيارتي الأخيرة هو حجم التواجد الأمني على امتداد الطريق من محافظة صنعاء إلى مدخل المدينة من قبل أفراد الشرطة العسكرية الذين يتعاملون مع القادمين بكل تهذيب ولطف, لكن أثناء العودة إلى صنعاء تقاسم القبائل وجنود الشرطة تواجدهما, حيث كانت هناك عدة قطاعات قبلية خاصة في منطقة نهم.
جديد مأرب الذي لفت انتباه عينيّ بعد أن سمعت عنه هو أعمدة الكهرباء التي تنقل التيار إلى قرى وتجمعات سكان مديريات مأرب في موازاة الأبراج وخطوط النقل من المحطة الغازية إلى العاصمة وبقية المحافظات، وهو مايحدثك عنه الكثيرون من أبناء مأرب أنهم لم يعرفوه إلا في عهد حكومة الوفاق الوطني التي أنجزته في فترة قصيرة, ويتحرجون عن الإشارة إلى أنه كان ضمن الحلول المتخذة للحد من ضرب الأبراج بالخبطات الحديدية والرصاص.
تحدثت مع أحدهم عن افتقاد المحافظة التي كانت قبلة الوفود السياحية والرسمية والزائرين الأجانب والعرب، ومازحني بالقول إنه بسبب هيئتي وملابسي قد يظنون أني زائر ألماني وسأتعرض للاختطاف ولن يقتنعوا بيمنيتي مهما صرخت فيهم متحدثاً بلهجتي التعزية التي يفهمونها جيداً.
أقمت في فندق يحمل اسم إحدى العواصم الخليجية ولم يعد في داخل غرفه من الحداثة والترتيب مايمت بصلة إلى الحاضر والسياحة, وأسعار الإقامة فيه ليس لها علاقة بالاستثمار لحقارتها.
خضت نقاشاً مع صديق آخر بشأن المتسبب في حالة الشلل والموات التام التي تشهدها المدينة وأدت لإغلاق فنادق ومطاعم ومحلات وأعمال تجارية كانت السياحة رافدها الأساسي، فتحدث بحسرة عن «إخواننا من أبناء المحافظة أياديهم ليست بريئة» من جريمة (شيطنة) مأرب، وقال إن قليلين منهم فضلوا مصالح شخصية وأرباحاً سريعة على مصلحة البلاد والمحافظة وغالبية ابنائها، وفجروا واختطفوا وآووا- ولا زالوا - يمارسون هواية “تخريب بيوتهم بأيديهم”.
بمجرد أن تقترب من مدينة مأرب ترى الدخان يتصاعد رغم مرور أسبوع على تفجير أنبوب النفط ولم يكتفِ المجرمون بتكبيد الخزينة العامة ملايين الدولارات، بل إنهم يهلكون الحرث والنسل من خلال تلك الأعمال التي تلحق أضراراً فادحة بالأرض والإنسان، وبالماضي والحاضر والمستقبل, بل وضررها يعم اليمن كلها واليمنيين جميعاً.
عتااااااااااب للبرلماني جعبل بن طعيمان
آلمني كثيراً ماسمعته عن معاناة 6 معلمات بسبب إصراركم على عودتهن للتدريس في مدرسة قريتك الملاصقة لمنزلك رغم رفضهن العودة جراء ماتعرضن له من إهانات من أقاربك نالت من كرامتهن والعلم الذي أتين من وسط اليمن إلى شرقها لتلقينه لأطفالك وأطفال قريتك.
أن تظل تحتجز عفشهن وعفش أسرهن (عيب) في حقك وحق قبيلتك والقيم السامية التي نفتخر بها جميعاً, والأبشع من كل ذلك أن تغرر بالوالد الأستاذ محمد سالم باسندوة رئيس مجلس الوزراء ليصدر توجيهات بإعادتهن إلى مدرستكم من إحدى مدارس مدينة مأرب التي نقلهن إليها مدير التربية بالمحافظة بعد إبلاغهن له عن معاناتهن من أقاربك.
اسم جعبل بن طعيمان كان كلما سمعت به ورأيتك عنواناً للرجولة والشجاعة والمواقف والنبل والكرم, وليس سبباً لمعاناة 6 معلمات وأسرهن غريبات عن المحافظة وإبراز القدرة على ممارسة الظلم والعنجهية في حقهن.
أرجو أن تصل رسالتي إليك وتفهمها بصورة إيجابية من شخص كان لك في قلبه مكانة عظيمة, نال منها ما سمعته في مأرب عن معاناة أولئك المعلمات وأسرهن في مقابل إصرارك على إعادتهن لمدرسة القرية التي اخترن ترك الوظيفة على العودة إليها.
الجمهورية