انفصال الشمال
مزقوا البلاد ، وأمعنوا في شعب اليمن قتلاً وتشريدًا ، وتفجيرًا للمنازل والمساجد ، ثم تأتينا اللجنة الثورجية والتي يرأسها ( رئيس بدرجة مقوّت ) بقرار انفصال الشمال عن الجنوب ، ثم اتخاذ الإجراءات الحاسمة لعملية الإنفصال بالقوة ، والسؤال الذي يطرح نفسه : ما دام الحوافيش يريدون الإنفصال عن الجنوب فلماذا قاموا بغزوه في 94م و2015م ..
طبعًا هذا القرار لم يكن مفاجئًا ، بل هو قرار قديم تم اتخاذه لدى إيران قبل اتخاذها قرار الحرب واحتلال اليمن وإبرام التحالف مع العفافيش ، وكان المخطط يسير في أن يسيطر الشيعة على الشمال ، ويسيطر الحراك الجنوبي المرتبط بها على الجنوب ، فلمّا لم ترَ ما يثلج صدرها من القائد الجنوبي / علي البيض وآثر من وجهة نظره عدم الإنجراف بمخططها ، رأت في عفاش والحوثي بغيتها في تنفيذ مخطط احتلال اليمن بكلها ..
تم تنفيذ كل الخطوات اللازمة للقيام بهذه الخطة – شرحنا بعضها في مقالات سابقة - ولم يكن بخلدهم أن تأتي عاصفة الحزم لتدمِّر هذا المشروع ، ولم يكن بحسبان إيران ولا غيرها مطلقًا أن تقوم السعودية بالتدخل لحماية عمقها الإسلامي فى المنطقة ( اليمن ) فطاش عقلها ، ولم تكن حينها لتقدر مطلقًا التدخل عسكريًا باعتبار أنها عملية يشوبها كثير من المخاطر ، قد تصل في نهاية الأمر إلىتدمير كيانها بالكلية ، ومعرفتها أن الحلف العربي الذي أقامته السعودية أقوى من أن تناله مخططاتها ...
لم تصمت إيران تجاه العاصفة ، فأخذت تستخدم جميع أوراقهاالممكنة وبقوة ، فاستخدمت ورقة النووي مع أمريكا لتخفيف الضغط عليها من الأمم المتحدة ، ثم وعبر عمان مخطط استخدام الجنوبيين لاستلام الجنوب على مراحل عبر فيدرالية من إقليمين ( مزمنة ) يرأس هذه الدولة علي ناصر فلم تفلح ، ثم قامت بنبش الورقة المناطقية لبث الفرقة بين أبناء الجنوب ، واستطاعت بدهاء استخدام بعض عناصرها للدفع ببعض الجنوبيين لتنفيذ أعمال خاطئة كأعمال نهب واقتحام لمواقع ومنازل تحت مسمى ( مناطقي ) ، ثم يتم توظيف تلك الأعمال على أن الذي قام بها يافعي أو ضالعي أو أبيني أو صبيحي أو غير ذلك ، فيتم تبادل الإتهامات بين أبناء هذه المناطق ، وتخوين بعضهم البعض للقضاء على النسيج الإجتماعي بين مناطق الجنوب فتثار النعرات المناطقية ، يتبعه اقتتال داخلي ، ولم يعد يهم الحوافيش حينئذ أن يذهب الجنوب بأهله إلى الجحيم ..
لست هنا بصدد الدفاع عن الوحدة ، ولا يمكن لي أو لغيري الخوض في ذلك ، فقد قضت هذه الحرب المجنونة على كل آمالها ، فمآسيها كثيرة وأحزانها أليمة وعميقة ، لكن ليس معنى ذلك عندي وعند كل عاقل الإستسلام لكل المخططات العفاشية المدمِّرة ، فنأخذ حلوله الشيطانية لمعالجة قضيتنا ، وإني لأرى لهيبها يلوح فى الأفق ، وقد عزموا على إدخال الجنوبيين في حرب مناطقية مستعرة ..
ما يجب أن نعلمه يقينًا ، أن ما نراه الآن في الجنوب بكل تفاصيله ولا داع لذكر ذلك لأننا نعيشه ونتجرعه هو " مخطط إيراني عفاشي خبيث غرضه إيصال الجنوب إلى احتراب أهلي " ، وكذلك يجب أن يفهم كل جنوبي مخلص لقضيته أن الإنفصال الآن وبطريقته الحالية مستحيل أن ينفّذ لا بفرض الأمر الواقع على الأرض ، ولا بأماني كاذبة ، لأن هذا الإنفصال لدى التحالف العربي وعلى وجه الخصوص السعودية معنـــاه " عودة إيران مرة أخرى إلى المشهد اليمني من جديد " ، وهذا لن يُسمح به مطلقًا ولو بالقوة ، فهل بالإمكان أن يفكر أبناء الجنوب بحلول أكثر عقلانية دون عواطف أو تطرف ، ويقبلون بنظام الأقاليم الذي يضمن لهم كل الحقوق ، مع ضمان دخول اليمن الإتحادي ضمن دول مجلس التعاون الخليجي ، أم أننا سنظل نغرّد خارج السرب ، فهل يعقلها العالمون ؟ّ!!