الخميس 08 نوفمبر 2012 11:15 مساءً
خطيــب الجمعـــة!
إبراهيم علي ناجي
خطيب الجمعة خطيب لكل الناس على اختلاف مستوياتهم الثقافية وعلى اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية. وعليه أن يراعي هذا البعد في خطابه لجمهور المسجد وحتى وان لم يكن جمهوره متعدد الثقافات فالأحرى به أن يكون أوسعهم ثقافة وأغزرهم علما وأبعدهم نظرة فخطابه الثري المتوازن والمتكامل كفيل بان يرتقي بمعارف جمهوره وثقافتهم الدينية والمجتمعية وغيرها إلى الحد الذي يمكنهم من التعايش والتعاون والتراحم والفهم المشترك لإقامة الحياة الاجتماعية على أسس من الأخلاق والقيم الدينية النبيلة.
ليس المطلوب من الخطيب أو الداعية أن يرضي جمهوره أو ينزل عند كل الرغبات ولا أن يصادم جمهوره بفرض ما يريد ولكنه في الأساس طبيب معالج يضع يده على الجرح بلطف ويقدم النصح اللازم برفق مستشعرا حاجات الناس واقفا عند اهتماماتهم ومعايشا لحالاتهم ومجيبا على كل تساؤلاتهم.
من الخطباء من يتخيل جمهور المصلين أنهم أفراد في جماعته فينزل عليهم فهم شيوخه وآرائهم وفتاواهم وهذا في نظري لا يصلح للخطاب العام لأنه لا يدرك طبيعة الجمهور ولا يعيش اهتماماته ولا يلبي بخطابه متطلباتهم المتجددة.
ان الخطيب الذي تقيده أفكار جماعته فيتحيز في خطابه لها ولا يتوسع في قراءته هو داعية لجماعة وليس داعية لدين عالمي وفكر عالمي.
من حق الخطيب أن ينتمي لأي جماعة أو حزب وان يتبع الفتوى التي اقتنع بها ولكن بالمقابل ليس من حقه أن يشنع على من خالفه واقتنع بفتوى أخرى لا يرضى عنها.
إن نسيان الواقع وتجاهل معاناة الناس من قبل المنابر الدعوية والتوعوية هو انحراف بهذه المنابر عن رسالتها وتعطيل للدور الذي أنشأت من أجله وعلى الجميع أن يعلم أن الكلمة أمانة كما أن المنبر مسئولية سيسأل عنها الإنسان بين يدي ربه يوم يتخلى عنه كل الناس. تعجب لبعض الخطباء الذي ينسى وضيفته الإرشادية الهادية إلى الصواب داعيا بالتي هي أحسن إلى وضيفة التشريح والتجريح واللفظ القبيح وكأنه قاض يصدر أحكامه في كل من خالفه.
وخطيب الجمعة الذي نريد هو الذي يبشر ولا ينفر ييسر ولا يعسر يغلب عليه التفاؤل ولا يحبطه التشاؤم يحبب الناس إلى ربهم ويحببهم ببعضهم ويحبب إليهم خالقهم عز وجل.