عدن تستغيث
تعيش اليمن هذه الأيام حربا أهلية لا نظير لها في تاريخ اليمن الحديث، ومع هذه الحرب العبثية يشن التحالف العربي قصفا جويا مكثفا على مختلف المدن والمناطق اليمنية، وكلا الحربين تسببان الدمار والخراب لليمن وتحصدان أرواح اليمنيين ويوقعونهم ما بين قتيل وجريح.
كل المدن اليمنية تعاني الامرين من هذه الحرب الظالمة والعبثية، الا ان مأساة عدن تفوق كل المآسي الأخرى، كونها مدينة مكتظة السكان وطبيعة أهلها طبيعة مدنية وسلمية، لكن سوء حظها اوقعها في مستنقع الصراع السياسي الدائر في البلاد وحولها الى ساحة حرب مدمرة لأحيائها ومنازلها لدرجة ان بعض البيوت انهارت جراء القصف على رؤوس ساكنيها نتيجة القصف العشوائي المتبادل بين الميليشيات المتناحرة هناك.
الأوضاع الإنسانية في مدينة عدن وصلت الى حد لا يطاق، حيث السكان المحليين في المدينة يستغيثون ويستنجدون طلبا لمساعدتهم بعد ان أصبحوا لاجئين بلا مأوى يفترشون الأرض ويلتحفون بالسماء، من دون ماء او غذاء او دواء او اية خدمات إنسانية أخرى، رغم ان لا ذنب لهم سوى انهم من سكان عدن التي دمرتها الحرب الاهلية اليمنية والقصف الجوي لقوات التحالف العربي.
لست هنا بصدد القاء اللوم على طرف سياسي بعينة او تحميل طرف سياسي اخر مسؤولية هذه الحرب العبثية والخراب والدمار الذي حل بمدينة عدن، وانما كل ما يهمني هو الوضع الإنساني المتردي في مدينة عدن والذي أصبح يدمي القلوب، حيث فقدت الكثير من العائلات أبنائها او بناتها او من يعولها نتيجة لهذه الحرب الوحشية التي تدور في حارات وشوارع وازقة عدن التي نسميها ثغر اليمن الباسم.
المدينة الساحلية الجنوبية الساحرة عدن أصبحت مدينة منكوبة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، حيث قطعت الحرب كافة الخدمات الإنسانية عن المدينة مثل الكهرباء ومواد الطاقة الضرورية للحياة مثل الغاز والديزل والبنزين والمياه والخدمات الصحية الأخرى، مما جعل السكان يستغيثون بدول العالم والجهات المعنية في اليمن لإنقاذ حياتهم بعد ان أصبحوا منكوبين ولاجئين يبحثون عن شربة ماء يروي عطشهم او رغيف خبز يبقيهم على قيد الحياة.
ان ما تعانيه عدن من أوضاع إنسانية مأساوية حرجة تستدعي إيقاف الحرب في المدينة بين الميليشيات المتصارعة فيها والسماح للجهات الرسمية ومنظمات الإغاثة الدولية لإنقاذ المدينة وسكانها من كارثة إنسانية كبرى، وهذه أولوية إنسانية وطنية عظمى تحتم على الأطراف السياسية المتصارعة في عدن وقف الحرب في المدينة والانسحاب منها كي تستعيد عدن عافيتها وحيويتها، وهذا هو اقل واجب تقوم به الأطراف المتصارعة، لأنه في حال رفضت تلك الأطراف السياسية المتصارعة وقف الحرب في عدن، فإنها ستثبت لليمنيين جميعا وللعالم مدى وحشية هذه الميليشيات واستهتارها بحياة السكان المدنيين.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها