الحرب لن تحل مشكلة الجنوب
الحرب التي تشنها القوات التابعة للحوثيين ومعها القوات العسكرية اليمنية التابعة للجيش اليمني الموالي للرئيس السابق علي عبدالله صالح المتحالف مع الحوثيين بشكل غير رسمي، لن تحل مشكلة القضية الجنوبية المعقدة والتي يطالب الحراك الجنوبي الممثل الرسمي لهذه القضية بفك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية التي كانت قائمة قبل عام 1990م.
ان سياسة اجتياح الجنوب من قبل القوات الحوثية وقوات الجيش الموالية لهم في حقيقة الامر سياسة خاطئة وانتحارية في نفس الوقت، لان تفجير الحرب في المدن الجنوبية وفي هذا الوقت بالذات، يعقد القضية الجنوبية ويصعب من إمكانية حلها وفق ما جاء في مخرجات الحوار الوطني، لان الجنوبيين لن يقبلوا بعد اليوم أي شكل من اشكال الوحدة اليمنية، بعد ان تعرضت مدنهم وقراهم الى حرب شعواء تفتك بكل من يقاوم التوغل الحوثي او يرفض تواجد القوات التابعة له.
ان اغلبية الشارع الجنوبي خلال السنوات الماضية وخاصة منذ عام 2011م، خرج بمظاهرات سلمية تطالب بفك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية المستقلة التي كانت قائمة قبل توحيد اليمن عام 1990م، تلك المظاهرات كانت تخرج بقيادة الحراك الجنوبي الذي يتكون من عدة فصائل تؤيد معظمها مطلب فك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية المستقلة، وقد اعتذرت حكومة الوفاق الوطني للجنوب عن الحرب التي شنها الشمال ضد الجنوب عام 1994م، واعتبرت الحكومة ان تلك الحرب خطأ تاريخي لا يجب ان يتكرر مرة ثانية، وايد مؤتمر الحوار الوطني حزمة من الإجراءات والمعالجات لجبر ضرر الجنوبيين وتعويضهم عما اصابهم نتيجة تلك الحرب الخاطئة.
وفي الوقت الذي كان الجنوبيين ينتظرون تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتعويضهم وجبر ضررهم، قامت القوات التابعة للحوثيين والجيش الموالي لهم بشن حرب جديدة ضد الجنوب اشد الما وضررا وقسوة ودمارا من حرب عام 1994م، ولذا فان وقع هذه الحرب على نفوس الجنوبيين ستكون اشد ايلاما وظلما وغبنا وقهرا من الحرب السابقة، الامر الذي سيجعل الجنوبيين يرفضون مستقبلا البقاء مع الشمال في دولة اتحادية مهما كان الثمن ومهما كانت الضغوط والاغراءات التي سيتم طرحها مستقبلا لغرض اقناعهم للبقاء مع الشمال في دولة واحدة.
لقد ارتكب الحوثيين ومن تحالف معهم خطأ تاريخيا كبيرا بقرار اجتياحهم الجنوب وشن الحرب في المدن والاشتباك مع الجنوبيين بشكل مباشر في الاحياء السكنية، مما أدى الى استفزاز السكان والهاب نيران غضبهم واشعال جذوة الحقد والكراهية ضد الشماليين وضد الوحدة معهم، وبهذا نستطيع القول ان الحوثيين ومن تحالف معهم ذبحوا الوحدة اليمنية من الوريد الى الوريد ولم يعد هناك من خيار غير منح الجنوبيين حق تقرير المصير او البقاء في حرب معهم الى ما لا نهاية.
لا اعتقد بعد الذي جرى ان اليمن سيبقى موحدا بسبب الشرخ الاجتماعي والنفسي الكبير والغضب الشعبي الجنوبي المتصاعد الذي خلفته هذه الحرب المجنونة وغير المحسوبة العواقب، ولذا فان الخيار الأفضل والمتاح في الوقت الراهن لمعالجة ما حدث من جريمة بحق الجنوبيين ومن اجل الخروج باقل الخسائر هو اتباع النموذج السوداني لحل القضية الجنوبية من خلال الحوار والتفاهم مع قيادة المقاومة الجنوبية والاتفاق معهم ومنحهم حق تقرير المصير على غرار ما حدث من حل سلمي لمشكلة جنوب السودان بالاتفاق بين قيادة المقاومة وبين الحكومة السودانية والذي قضى بمنح الشعب في جنوب السودان حق تقرير المصير.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها