مناشير شوقي !
قبل عيد الأضحى بيومين عقد محافظ تعز الأستاذ شوقي هائل مؤتمراً صحفياً طويلاً ناقش خلاله مشاكل المحافظة المتدهورة دون أن يعرض حلولاً لها ودون أن يحدد من القيادة السياسية متطلبات محددة غير هلامية لحلها.
لقد أبرز شوقي عنصرين بارزين، في سياق تبريره الجمود التنموي والانحدار الأمني الذي تعيشه تعز، أثارا الحيرة الشديدة وأظهرا تناقضاً واضحاً في تصريحاته وأنه لا يجيد مثل إجادته الأضواء وإنتاج الكلام والمبررات الهلامية ليس إلا.
فالرجل أفاد بتوفر أهم متطلبات النجاح في المحافظة ولم يكشف عن السر المقنع لاستمرار فشله في إدارة مسلسل الفشل الإجتماعي والاقتصادي والأمني. فلقد صرح بأن جميع ممثلي الحكومة والجيش والأمن هناك مطيعون له تماماً وأنه أقال كل من كان يعتقد بفشلهم، كما لم يتهم شباب الثورة هناك بشيء وامتدح تجاوبهم معه وإبداع تفكيرهم ووطنيتهم. من ناحية أخرى، صرح شوقي عن استغرابه لعدم تحقق الانسجام الاجتماعي في تعز، مشيراً إلى أنه من حظ تعز أن العاصمة هي صنعاء والسياسة مركزة في صنعاء والأحزاب في صنعاء والمشاكل الكبيرة في صنعاء، متسائلاً ما الذي يمنع التعزيين الاتفاق وإعادة بناء مجتمعهم!! إستغل الأستاذ شوقي المؤتمر للحديث عن ما يواجهه هناك من قصص غريبة وكيف يقضي يومه، ليشخصن الأمر ويعلم الجمهور فقط أن شوقي يلاقي أقصى درجات الضغوط والجهد دون أن يعلمهم سر عدم تحقق التطور المطلوب منه في ظل غياب مبررات الفشل خاصةً وهو أول وآخر محافظ أثار ضجة إعلامية كبيرة لإقالة مدير أمن المحافظة السابق كشرط مهم ليستمر في قيادة المحافظة.
لا يمكن قبول أي عذر لشوقي المعين منذ مايو الماضي في مقابلة ذلك مع أداء وقرارات محافظ آخر جديد جداً لم يحظ بربع ما حظى به أمين العاصمة الذي أظهر تغييراً ولو محدوداً أرضى الأغلبية من سكانها لاسيما الحيادية مع المواطن والتغيير القيمي للمسئول الحكومي.
ففي الجانب التنموي، استمرت المنظمات التنموية في عملها في المحافظة بينما بدأت المكاتب الحكومية عملها بشكل متواضع لم ترق إلى توقعات الناس ولا تزال مدينة تعز تعاني بشدة من آثار الأحداث بالرغم من عدم كون المال هو المشكلة الرئيسية كما أفاد المحافظ.
وفي الجانب الأمني، لا أدري ما السر الذي يمنع المحافظ من إخراج الألوية العسكرية سيئة السمعة من أطراف المدينة إلا تصريحه أثناء المؤتمر "بأن هذه هي شغلانة العسكر، وهو لا يتدخل بعمل العسكر والأمن.." وأجد نفسي مرغماً على مقارنة ذلك بتدخله القوي بإقالة مدير الأمن السابق كشرط لاستمراره كمحافظ وضغط أمين العاصمة على رئاسة الجمهورية بضرورة إخراج المعسكرات من العاصمة. وفي الوقت نفسه، لا يمكن قبول عدم تبريرات شوقي الهلامية في الحفاظ على أمن المحافظة حتى إلى ما قبل شهر يوليو، خاصةً وقد بدأ مدير امن المحافظة السابق بالتمكن من إحلال الاستقرار الملحوظ في تعز بعد أسبوعين فقط من مقتل المعلم الأمريكي قبل تعيين الأستاذ شوقي محافظاً. فلقد قام شوقي في شهر رمضان المبارك بإجراء بعض الأنشطة المنهجية الاجتماعية والتوافقية التي قام بها مدير الأمن الأسبق والتي شرحها بالتفصيل مقال سابق لي وعقد اجتماعات واتفاقات (ميثاق شرف) مع كافة الأطراف السياسية والاجتماعية المؤثرة، إلا أن شوقي لم ينجح في الوصول إلى مرحلة استخدام مناشير قطع السلاح بسبب فشله في تحقيق نتائج ومخرجات تلك الأنشطة الاجتماعية. ومهما يكن سبب ذلك، فالرجل مسئول عن ذلك كون الوضع انحدر في عهده وهو القابض على صلاحياته الكاملة.
ليس هذا المقال هجوماً على الاستاذ شوقي الذي يتمتع بحب المجتمع له قدر ما هو نقد المبررات المتناقضة التي ساقها في مؤتمره الأخير ولإلقاء الضوء على إمكانيات تمتع بها هذا المحافظ ولم يتعامل معها بكفاءة كما توقع الملايين من سكان تعز. ومن المنطقي أن يجري المحافظ تقييماً محايداً عن أسباب انحدار الأوضاع الأمنية وجمود الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المحافظة والخروج بتوصيات للحلول المناسبة لعلاج أسباب التدهور. كما ينبغي عليه التخفيف من الظهور الإعلامي المكثف والتوقف عن إعادة إنتاج قالب الزعيم الرمز والمقدس في الصحف الرسمية للعاصمة الثقافية.