غسالة ثورية
من غير المنطقي إلباس الفساد لبوس جغرافية معينة، او اختزال الفاسدين في هذا التيار السياسي او ذاك، لذا يجب التسليم بأن الفساد سلوك يُكتسب بالممارسة غير السوية.
أظن إن الفساد وروح الثورة لا يجتمعان في قلب إنسان، ومن المعيب بحق الثورة – أي ثورة- أن تتحول إلى "غسالة" لتنظيف هذا الفاسد قبل إن يتحرر من فساده ويعيد الحقوق لأصحابها، بعيداً عن محاكم تفتيش النوايا والضمائر.
حين قبل شباب الثورة الشعبية السلمية بأن تتحول ثورتهم إلى غسالة لكبار الفسدة وحتى صغارهم، فأنهم قد اخطئوا الحسابات وقراءة الواقع، وبالتالي وقعوا في المحظور، وانحرف مسار ثورتهم الحقيقية صوب مسارات شتى لا علاقة لها البتة بالفعل الثوري لتجمدها في قالب "أزمة سياسية".
الحراك الجنوبي السلمي "ثورة الجنوب التحررية"، هو الآخر حولته بعض القوى إلى "غسالة" لتنظيف الفسدة تحت مبرر عقيم يتعلق بالانتماء الجغرافي، تم تمريره فوق معاناة الجميع تحت شعار "إنه جنوبي"، وبالتالي رأينا حجم المأزق الذي يعيشه الحراك اليوم على مستوى الفعل السياسي.
من حق أي "فاسد" إن يعلن انضمامه لأي فعل ثوري، لكن من المعيب بحق ذلك الفعل الثوري إن يتصدر هؤلاء المشهد على حساب صانعيه، وأظنها ابلغ إساءة لدماء الشهداء والجرحى.
وفي النهاية لن يصح إلا الصحيح، مع إيماني الشديد بأن ثورة الشباب تحتاج إلى ثورة تعيد إليها روحها، كما هو الحراك الجنوبي يحتاج إلى ثورة لتصحيح مسارها الثوري على طريق تحقيق الأهداف.