سماسرة الحج في اليمن!
تتجسد معاني "الحج لمن استطاع إليه سبيلا" في أبها صورها في اليمن لأن المواطن اليمني البسيط لا يستطيع حتى أن يحلم بزيارة بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة ليس بسبب مواجهة الشروط ومبالغ التأمين المفروضة عليه بصورة علنية فحسب، ولكن عليه أيضاً أن يبيع أو يرهن كل ما يملك وما لا يملك ويستدين حتى يواجه ظاهرة جشع سماسرة الحج في اليمن الذين يفرضون إتاوات ورسوم قد تصل إلى ثلاثة آلاف وأربعة آلاف ريال سعودي على الفرد الواحد!
للأسف الشديد، لم يجد هؤلاء السماسرة أي شيء يسترزقون منه بالحلال إلا هذه الفريضة ويحرمون الكثير من المواطنين اليمنيين البسطاء الذين يحلمون باداء فريضة الحج ولو مرة في العمرمنها، ولكنهم يوفروا تأشيرات الحج لمن يستطيع إليها سبيلا وذلك بعد دفع الإتوات المفروضة التي أصبحت أمر لا مفر منه. هذا الطرح ليس من وحي الخيال ويعرفه تمام المعرفة كل من تمكن من الذهاب إلى بيت الله الحرام هذا العام وفي الأعوام القليلة الماضية، وما على من يشكك به إلا أن يسأل عدد من حجاج هذا العام والأعوام السابقة ليتبين حجم المبالغ التي يجنيها هؤلاء السماسرة من المواطنين اليمنيين الذين لا حول لهم ولا قوة.
القضية المطروحة كما أسلفت معروفة لكل من يحاول الحصول على تأشيرة حج ولكن بعض المواطنين اليمنيين يسلموا أمرهم لله ويتحملوا الكثير من المصاعب والأعباء المالية لتأدية فريضة الحج ويصمتواعن حقوقهم وعلى استغلالهم. لذلك، استساغ سماسرة الحج الأمر، لا سامحهم الله، ووجدوا أنه تجارة مربحة وأصبح الأمر طبيعي وكأنه عملية مشروعة للحصول على تأشيرة لزيارة المشاعر المقدسة لتأدية فريضة الحج أو العمرة.
لن أطيل وساتوجه بنداء عاجل إلى خادم الحرمين الشريفين في المملكة العربية السعودية، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ووزارتي الحج والأوقاف في المملكة واليمن وذالك لحماية البلد التي حباها الله بخيرات لاتعد ولاتحصى ومن أهمها نعمة خدمة البقاع المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة من العبث والإساءات التي يتسبب فيها سماسرة الحج في اليمن لسمعة المملكة. المملكة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين حتماً يسيئها ما يتعرض له الحجاج اليمنيين، الألين أفئدة والأرق قلوباً، من ابتزاز ومتاجرة بفريضة الحج من قبل عصابات سماسرة الحج في اليمن ولن تغض الطرف عما يجري وكلي أمل أن تبدأ بالتحقيق بهذا الأمر فور سماعها به وتضع قيود وضوابط تحمي المواطنين اليمنيين من مصاصي الدماء والجيوب هؤلاء.
أنا متأكد أن المسؤولين في الملكة العربية السعودية لن يتركوا هذه القضية تمر مرور الكرام ولن يتركوا عصابات سماسرة الحج تسيء إلى سمعتها بهذه الصورة المبتذلة. كما أناشد اليمنيين الذين استغلوا من قبل هذه العصابات ان لا يسكتوا عن حقوقهم ويتقدموا بشكاوى إلى المسؤولين السعوديين واليمنيين حتى يُرفع الظلم عنهم وعن غيرهم من المواطنين الذين ينوون تأدية مناسك الحج في السنوات القادمة، وعلى وسائل الاعلام المرأية والمقروءة والمسموعة التصدى لمثل هذه القضايا وكشفها للرأي العام والمسؤولين حتى لا تستشري وتصبح عاهات من الصعب محوها والتخلص من تأثيراتها السلبية.
وفي الختام لايسعني إلا أن أردد عبارتي: "الساكت عن الحق شيطان أخرس، وما ضاع حق ووراءه مطالب" حتى لا نظل نساهم في الأمراض الاجتماعية العديدة التي تعاني منها مجتمعاتنا ومنها مرض الرشوة هذا بسبب صمتنا وجهلنا بحقوقنا، والله من وراء القصد.