أنا والربيع وأمي وأنت..!!
هاهو الربيع يطل يا أمي ثانية والأرض تشهد ميلاد حياة جديدة، ساخبرك عنها لاحقا، مازلت أتذكر يا أمي وانا في السنة الحادية عشرة من عمري عندما سألتك متى يأتي فصل الربيع؟ فاخبرتيني ان بلدنا ليس فيها الا شتاء وصيف ! .
لم أصدقك حينها وقلت هي لا تعرف الإجابة، في المدرسة سألت الأستاذ فأجاب نفس الإجابة لم اقتنع أبدا، كان السؤال أيضاً قد طرحه أصدقائي الذين يكبرون عني بثلاث سنوات على الأستاذ سعيد علي أستاذ العربي والشعر ، وهو القريب من كل طلاب المدرسة بصفته أب أولا ومعلم ثانياً، اخبرني عارف ان الأستاذ سعيد قال ان فصل الربيع يأتي في بلادنا وعلامته عندما تزهر أشجار السيسبان.
وجدت حينها الإجابة يا أمي وانتشيت فرحا شكي لا يخيب فهو كما تعلمين يقيني،اذ انه ليس من المعقول ان لا يمر الربيع من هذه الأرض الحلوة .
في مارس 2013 عاد إلى ذهني السؤال نفسه وانا هنا في سلنجور اهم ولايات ماليزيا ، ولا شئ غير الصيف الطويل على خط الإستواء، كان الشروق يحدثني عن الربيع من الطرف الأخر وكأننا نعيش حالة واحدة لقياس للأرض ومعرفة مناخها.
تعلمت من الشروق ان الربيع بدأ فعلاً مع قدوم مارس العظيم ، لا علاقة لي بزراعة الأشجار هنا فانا الغريب عابر الحدود لا غير ، كان قلبي يرقص مع اكتشاف الربيع لا احد حينها كان معي سوى قلبي وابتسام الفجر وبعضا من صور ازهار الربيع.
لم اخبر احد عن الربيع حتى لا يضيع تأملي التقطت له بعض الصور لتوثيق الحقيقة وارسلتها للطرف الأخر من المحيط ليتم التأكيد انه الربيع فعلاً.
الا انه مر بي صديق فقلت أريه شيئاً عن الربيع فضحك وقال لا و مع انه يراه رأي العين ، فقلت سلام الله عليك يا أمي وسلام على الأستاذ الذي اجاب بنفس إجابتك، كنت قد اعتدت على مشاهدة الكراتين تتحرك ولم اعد آبه لما يدور.
هذا الربيع يا أمي ايضا جاء مع مارس ، لكنه لم يأت وحيداً بل جاء مع قصيدة هوينديجار الخالدة التي اخبرتك عنها ذات مساء على سطح بيتنا في القرية.
الربيع ليس مجرد ورد ولا تغير موسمي بل هو تغيير جذري في مسار التاريخ مصحوباً بالمطر والموسيقى والقهوة والشعر وعزف الناي وتجديدا لمرحلة اخرى من الثورة.
لأول مرة في التاريخ يأتي الربيع ومعه الدهشة والابتسامة وعيون القلب،وموسيقى وصلاة روح لا تنقطع، ومصافحة الملائكة صارت حدثا عابرا.
دعيني أخبرك يا ست الدنيا يا “فن” ان الربيع هذا مختلفا جدا، فالحديث إليه صلاة والاستماع له وحي، والتسامر معه يوجا.
أمطار الربيع يا أمي تذكرني بك حين كنت اهرب خارج البيت لاراقص قطرات المطر، في الوادي، كان ذاك هو هروبي الأشهى إلى الحرية، فماذا سيصنع بي المطر هل سيبلل ثيابي؟ أم انها ستصيبني الحمى والزكام؟ لا شيء من ذلك يحدث.. بل حدث ما هو أفضل اني عشقت المشهد ذاك وافعلها الآن وانا بعيدا عنك الآلاف الاميال.
كل ربيع وانت بخير يا أمي، وكل عام وانت بخير في اليوم العالمي للمرأة.
كل ربيع وانت بخير ايها الربيع الموشى بالقصائد والسحر والعزف..
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها