لماذا صمتوا حينما أعلن(هادي)ثوريته؟
“ولم يكن أمامنا وأمام شعبنا سوى الإمساك بمقود الأوضاع الملتهبة والسير إلى الأمام مهما كانت التحديات، حفاظاً على وطن موحد ديمقراطي يكفل لجميع المواطنين حقوق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وصوناً لمكاسب ثورة الشباب السلمية وطموحاتهم المشروعة في التغيير والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية”.
بهذا الوضوح وقوة المعنى, تحدث الرئيس عبد ربه منصور هادي في خطابه بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين لثورة الرابع عشر من أكتوبر عن حقيقة عملية التغيير التي وضعته الأقدار والاجماع الشعبي والدعم الاقليمي والدولي ليقودها تلبية لمطالب (ثورة الشباب السلمية) التي أفصح عنها لأول مرة منذ انتخابه رئيساً للجمهورية في فبراير الماضي.
ولم يتوقف عند ذلك, بل أكد أنه ينظر “إلى مطالبهم وطموحاتهم (الشباب) باهتمام كبير بما يلبي توقهم إلى المستقبل المشرق ليمن جديد قائم على الدولة المدنية الحديثة وعلى المساواة والعدالة الاجتماعية”, وأضاف مشدداً على أننا “جميعاً نؤمن بأن مسيرة التغيير التي فجرها شبابنا وانتصر لها جاءت لتعيد للنظام الوطني أصالته وللدستور والقانون مكانته وقيمته وحرمته”.. وكالعادة صمت عُشاق البلبلة وتوارى مدمنو التخذيل وأدخنة الاحباط واليأس, خلف الأضواء باحثين عن معارك أخرى يندبون عبرها حظ ثورة اليمنيين العاثر, ليستمروا في ادعاء حرصهم على ثورة الشباب السلمية والدولة المدنية التي يزعمون قيادتهم لها قبل ان يتآمر عليها الأحزاب في المشترك وكبيرها (الاصلاح) الذي علمها كيفية ابتلاعها, وفي رواية أخرى سرقتها, قبل مكرهاً بالشركاء لصالح تجديد تحالفاته القديمة مع القبائل المغضوب عليها والفرقة الضالة والمملكة المتربصة.
لقد أخرسهم الرئيس هادي في خطاباته الأخيرة في الأمم المتحدة وبمناسبة اليوبيل الذهبي لثورة سبتمبر ليتوج ذلك في ذكرى ثورة أكتوبر بحديثه الصريح عن ثورة الشباب السلمية, فإذا بهم يفرون إلى معارك أخرى يمارسون من خلالها دور الثورة المضادة لثورة فبراير 2011, خاصة أن هادي لم يعد يكتفي بالإشارة إلى الأهداف والمبادىء التي تفضي للتغيير الديمقراطي المنشود مروراً بالانتقال الآمن للسلطة.
أشهر عديدة وهم يقلقون حياتنا بالعويل على تسليم الأمر إلى رئيس ليس جزءاً من الثورة الشبابية وفق معاييرهم الخاصة, ووقفوا كجدران مانعة شيدت بأكوام قش واهية, امتزجت فيها الأحقاد الشخصية ونزوات الزعامة ببعض أيادي الارتزاق وأدوات اللامبالاة.
كم أزعجونا تلميحاً وتصريحاً بأن ثورة الشباب السلمية تبخرت وكأنها “فص ملح وذاب” حسب إخواننا وأكدوا مراراً فشلها بسبب ان الرئيس المنتخب من قرابة 7 ملايين يمني لم يصرح بها اسماً في خطاباته رغم ماتحتويه من مفاهيم ومؤشرات تدل على جوهرها.
ومثل ذلك أصموا آذاننا بالتأكيد والتلويح إلى اختطاف الثورة بسبب إعلان الأحزاب السياسية انضمامها لها تارة والقبائل والجيش المناصر للثورة تارة أخرى.. هم ذاتهم من أقاموا الدنيا ولم يقعدوها لأن شيخ قبائل حاشد, صادق الأحمر, حسبما ادعوا, هدد أشقاءنا في الجنوب وإخواننا الحوثيين في الشمال بحرب, حتى كدت وكثيرون غيري نصدق ذلك ونلعن القبيلة ومشائخها وحينما قرأنا خطاب الأحمر مرات عديدة بحثاً عن تهديداته المزعومة لم نجد لها أثراً.
لي موقف شخصي ضد بعض مشائخ القبائل, وليس القبائل ذاتها, لكن من الموضوعية والإنصاف ومن أولى معايير الصحافة المصداقية والدقة في نقل الوقائع والحقائق لجمهور القراء أو المشاهدين والمستمعين وهذا الجمهور وحده من يقرر خطأ فلان أو لا.
علينا جميعاً كيمنيين أن ندوس على ماضينا إن كان الرجوع إليه سيبقينا في ذيل دول العالم وبوضعنا المتخلف هذا علينا أن نرجع لذلك الماضي للعظة والعبرة ونتجاوز حساسياتنا القديمة ونكون بحجم اليمن الجديد الذي نسعى إليه.
مشكلتنا كيمنيين منذ نصف قرن, أننا نرى الحقيقة المطلقة من زاوية شخوصنا ومصالحنا الخاصة وربما أحزابنا وقبائلنا،وكلما وصل أحدنا إلى السلطة سعى لتحقيق التغيير من تلك الزاوية فقط واندفع لإقصاء الآخرين المختلفين معه سياسياً أو قبلياً أو مذهبياً أو مناطقياً أو حتى عرقياً لنظل في دوامة لن تتوقف إلا بتأسيس دولة الحق والعدالة والحرية والكرامة والتي يسودها النظام والقانون.
وختاماً أتمنى أن نبدأ “فعلاً ننتقل إلى ترسيخ سيادة الشعب وإقامة دولة النظام والقانون والمؤسسات التي تصون الوحدة الوطنية وتكرس قيم التآزر والتسامح وكل ما يبلور مضامين وأهداف ثورة التغيير بأبعادها الوطنية والإنسانية الحقيقية”, بحسب ما ورد في خطاب الرئيس هادي الأخير.
ثورتكم مباركة ومستمرة أعزائي القراء ولا نامت أعين المرجفين.