مواسم الخير
مهما شدت الحياة الإنسان إلى مطالبها، وجذبته إلى ميادينها، فإن هناك مواسم ومحطات تأتي كقوارب نجاة تدعوه لأن يتزن، وتهيب به ليشبع متطلبات القلب والفؤاد، وأشواق الروح والفطرة التي فطر الله الناس عليها.
هذه عشر ذي الحجة بين أيدينا وهى الأيام التي تتفوق على كثير من الأيام ويتضاعف فيها الجزاء والأجر والثواب فكما ورد في الحديث الشريف (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله، قال ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء).
إنه العمل الصالح الواسع الوجوه، المتعدد المجالات والطرق، إنه العمل الصالح الذي يحدد إيجابية الإنسان وفعاليته، ليكون عمله صالحا، وقوله سديدا وحركته خيرة.
الحياة في هذه الأيام العشر يجب أن تتميز ويتميز بها المسلم، والمرء هنا، أو الفرد المسلم أو المجتمع المسلم ليس مطلوب منه أن يتميز شكلا، أو يتغير مظهرا، بل يجب أن يبادر لملء هذا الوعاء الفريد الذي سعته بحساب الزمن عشر أيام، لكن سعته أو ثماره بحساب مكافأة الايجابية والفاعلية التي يبادر إليها المسلم أجر غير منقوص، فالتميز المطلوب هنا، تميز عمل وفعل.
يهرع بعضنا لأداء عمل إضافي رجاء أن ينال مكافأة مالية تجاه هذا العمل الإضافي مع أنه يتقاضى مكافأة أو أجرا ثابتا تجاه ما يقوم به من عمل وظيفي أو غيره.. والمسلم مطلوب منه على الدوام أن يفعل الخير باستمرار (وافعلوا الخير) كما مطلوب منه أن يقول القول الجميل (وقولوا للناس حسنا) لكن في مثل هذه المواسم المتميزة التي هي هي بمثابة هدية للروح والنفس يحتاج معها الإنسان إلى بذل المزيد من فعل الخير وقول الحق، فعلا وعملا يتعدى نفعه للناس، وليس مجرد فعل يقتصر خيره ونفعه للفرد فقط، فأحب الناس إلى الله انفعهم لعباده.